التنبيه الثاني : تطبيق القاعدة فيمن أقدم على الضرر
الناظر في كلمات الفقهاء يجد نحو تهافت في بادئ الأمر في التطبيقات التي ذكروها للقاعدة ، حيث إنّهم من جهة قالوا : إنّ المعاملة الغبنية يرتفع لزومها بالقاعدة ، فيما لو فرض أن المغبون كان جاهلاً بالغبن ، أما لو كان عالماً به ومع هذا أقدم عليه ، فإنه لا يرتفع اللزوم ، ولكنهم من جهة أخرى ذهبوا إلى أن المكلف إذا وقع في الجنابة من دون اختيار ، وكان الغسل مضرّاً بحاله ، فيرتفع وجوب الغسل عنه وينتقل إلى التيمّم ، لكن لو أوقع نفسه في الجنابة اختياراً ، وفرض أن الغسل كان ضرريّاً بالنسبة إليه ، فهنا أيضاً قالوا بارتفاع وجوب الغسل عنه بمقتضى القاعدة ، وهذا معناه عدم وجوب الغسل مطلقاً إذا كان ضرريّاً.
من هنا قد يتراءى نحو تهافت بين هذين الموقفين ، حيث يقال : إن إقدام المكلّف على المعاملة الغبنية عالماً ، إذا كان مانعاً عن شمول القاعدة في المورد الأول ، وموجباً لعدم رفع اللزوم عن المعاملة ، فلما ذا لا يكون إقدام المكلّف على الجنابة مانعاً عن شمول القاعدة ، بحيث لا يرتفع وجوب الغسل حتى مع الضرر.
من هنا تصدّى المحقّق النائيني (١) (قدِّس سره) لبيان نكتة تنطبق على المورد
__________________
(١) منية الطالب ، ج ٢ ، ص ٢١٧.