الأول وتأبى الانطباق على المورد الثاني حتى يكون ذلك ملاكاً للفرق بين الموردين. وعبائر التقريرات لا تخلو من تشويش واضطراب ، لذا يمكن أن يحتمل فيها احتمالات عديدة ، وفيما يلي نصوغ ذلك من خلال تقريبات ثلاثة :
التقريب الأوّل : وهو الذي ينسجم مع صدر العبارة ، ومفاده أن القاعدة إنّما تجري لنفي الحكم الضرري فيما إذا كان ذلك الحكم هو الجزء الأخير من العلّة التامّة للوقوع في الضرر ، بحيث لا يتوسط شيء آخر بين الحكم وتحقّق الضرر خارجاً. فإنه في مثل ذلك تكون نسبة الحكم إلى الضرر ، نسبة الأسباب التوليدية إلى مسبباتها. لذا ينطبق على الحكم نفس عنوان المسبّب. فمثلاً الحكم بنفوذ المعاملة الغبنية ولزومها هو بحدّ ذاته حكم بنقصان مالية المغبون ، فيكون ضرراً عليه ، لأنه علّة للنقص ، فيكتسب من معلوله عنوانه ، فيكون الضرر المنطبق على المسبّب عنواناً ثانوياً للحكم ، بخلاف ما لو فرضنا أن الجزء الأخير من العلّة لم يكن هو حكم الشارع ، بل اختبار المكلّف ، وكان الحكم الشرعي مقدّمة إعدادية لهذا الجزء الأخير ، ففي مثل ذلك لا يصدق على الحكم أنه سبب توليدي ، لأنه توسط بينه وبين الضرر اختيار المكلف وإرادته ، حينئذ لا يكون مصداقاً لعنوان الضرر ، فلا يشمله النفي في القاعدة.
لا يقال : إنّه بناءً على هذا يلزم أن لا تجري القاعدة لنفي وجوب الوضوء الضرري ، لأنه تتوسط إرادة المكلّف واختياره بين الحكم ووقوع الضرر خارجاً ، فلا يكون وجوب الوضوء هو الجزء الأخير من العلّة التامّة لوقوع الضرر ، فلا يمكن رفعه بالقاعدة.