لأنه يقال : إنّ هذه الإرادة لما كانت ناشئة عن ذلك الوجوب ، وبتعبير المحقّق النائيني هي مقهورة للوجوب ، فوجودها كالعدم ، من هنا يصح أن يقال : إنّ ذلك الوجوب مضرّ بالمكلّف فيرتفع بالقاعدة.
والحاصل أن «لا ضرر» إنّما تجري فيما إذا كان الحكم الشرعي هو الجزء الأخير للعلّة التامّة. أما إذا كانت إرادة المكلّف غير المقهورة هي الجزء الأخير ، وكان الحكم مقدّمة إعدادية لهذه الإرادة ، فلا يكون مشمولاً للقاعدة.
وتأسيساً على ذلك فإنه يقال : أما في المورد الأول فإنه يوجد عندنا حكم شرعي هو لزوم المعاملة الغبنية ، وهذا اللزوم لا يؤدي إلى الضرر ، إلّا إذا كان المكلّف جاهلاً بالغبن ، وذلك لأن المكلف في موارد الجهل لم يقدم على المعاملة بعنوان أنها غبنية ، بل أقدم عليها بتخيّل أنها ليست كذلك ، ولازم ذلك أن ما وقع لم يكن مراداً له حقيقة ، إذن فلم تتوسط إرادة جدّية من المغبون بين اللزوم ووقوع الضرر خارجاً ، فيكون الحكم الشرعي باللزوم هو الجزء الأخير من العلّة التامّة للضرر ، فيرتفع بالقاعدة ، بخلاف موارد علم المكلف بالغبن وإقدامه على ذلك ، فإن لزوم المعاملة ليس هو الجزء الأخير ، بل اختيار المكلّف وإرادته هي الجزء الأخير لوقوع الضرر ، فليس إرادة المكلف المعاملة الغبنية عالماً بها ، كإرادة المكلف للوضوء ؛ وذلك لأن الشارع حينما يحكم بلزوم المعاملة الغبنية في موارد العلم بها ، لا يجبر أحداً على إيقاعها خارجاً. إذن فقد توسط بين الحكم الشرعي ووقوع الضرر إرادة غير مقهورة ، فلا تجري القاعدة لنفي اللزوم.
وهذه النكتة لا تجري في المورد الثاني ، أي فيمن أجنب عمداً ، لأنه