الأمر الأوّل : المختار في ضابط الحكومة
إن الحكومة تارة تكون على الدليل الآخر بلحاظ المرحلة اللغوية ، وأخرى بلحاظ المرحلة التشريعية والمولوية ، وذلك لأن المولى له حيثيتان (١) :
__________________
(١) لكي تتّضح معالم نظرية الأستاذ الشهيد (قدِّس سرّه) في الحكومة ، لا بدّ من الإشارة إلى أمور ثلاثة :
«الأوّل : تعريف الحكومة :
«الحكومة عبارة عن نظر أحد الدليلين إلى الآخر ، بمعنى اشتماله على خصوصية تجعله ناظراً إلى مدلول الدليل الآخر ومحدّداً للمراد النهائي منه. من هنا نستطيع أن نعتبر الحكومة عبارة عن القرينية الشخصية لأحد الدليلين على الآخر. بخلاف القرينية في التخصيص ، فإنها نوعية عرفية ، وليست بأعداد شخصي من المتكلّم نفسه.
وبهذا يعرف أيضاً الفارق بين الحكومة والورود ، فإن موارد الورود تكون خارجة عن التعارض الحقيقي بين الدليلين ، في حين إن الحكومة (فيما إذا كان الدليل الحاكم يثبت خلاف ما يثبته المحكوم) يكون من حالات التعارض بين الدليلين مدلولاً ودلالة ، لأن نسبة الدليل الحاكم إلى الدليل المحكوم ، نسبة القرينة إلى ذي القرينة ، والقرينة تنافي ذا القرينة ، ومجرّد كون القرينة شخصية لا نوعية وبإعداد من المتكلّم نفسه ، لا بقانون عرفي عام ، لا يستوجب رفع التنافي بين الدليلين كما هو واضح.
وعلى هذا الأساس كان لا بد من إثبات عدم سريان التعارض في حالات الحكومة إلى دليل الحجية ، وكونها من التعارض غير المستقر ، من التسليم بكبرى عرفية تقول : بأن ظهور ما يعدّه المتكلّم لتفسير كلامه ، يكون هو المحدّد النهائي لمدلول مجموع كلامه. إذ من دون التسليم بهذه الكبرى كمصادرة عقلائية في باب المحاورات ، لا يكفي مجرّد فرض الحكومة ونظر أحد الدليلين للآخر مبرّراً لتقديمه عليه في الحجية. وهذه المصادرة التي افترضناها لنظرية الحكومة ، تكفي بنفسها لتخريج الحكومة ،