الضرر خارجاً ، والضرر المحكوم بوجوب تداركه كأنه متدارك بالفعل بمقتضى العناية الثانية ، وكل متدارك بالفعل كأنه ليس بضرر بمقتضى العناية الأولى. أذن فإيجاب الشارع التدارك كأنه يعدم الضرر بحسب الخارج ، فيصحّ أن يبيّن وجوب التدارك بلسان أنه «لا ضرر».
الوجه الثاني : هذا الوجه أيضاً يتقوّم بأمرين :
الأول : أن نحمل «لا» على النهي.
الثاني : أن نتصوّر للضرر وجوداً حدوثياً ووجوداً بقائياً استقرارياً ، والأول هو أصل وقوع الضرر ، والثاني هو المنتزع عن عدم تداركه ، فكأنه بعدم تداركه ثبت واستقرّ الضرر. فإذا حملنا «لا» على النهي ، وفرضنا أنه نهي بلحاظ الوجود الثاني البقائي ، فهذا معناه النهي عن عدم التدارك ، ولازمه وجوب التدارك. وهذا هو المسلك الأول تحت هذا الاتجاه.
أما إذا قلنا إن «لا» نافية للضرر غير المتدارك ، فيثبت وجوب التدارك إذا كان الضرر من فعْل الإنسان ، ونفي الحكم الضرري إذا كان مسبباً من حكم الشارع. وهذا هو المسلك الثاني في هذا الاتجاه.
وبهذا تمّ الكلام في المحتملات الأساسية لتخريج الاتجاهات الثلاثة المتقدّمة.
المختار في «لا ضرر»
بعد أن بيّنا الاتجاهات الفقهية لمفاد هذه الجملة التركيبية ، ووقفنا على الوجوه المحتملة التي يمكن أن تكون أساساً لتخريجها ، وما يرد عليها ، نحاول أن نمحّص ما هو التحقيق في المقام ، وذلك من خلال الظهورات التي تضمنتها