هذه الجملة. فنقول : إن جملة «لا ضرر» لو خليت ونفسها تتضمّن ظهورات متعدّدة كما يلي :
الظهور الأول : أن «لا» مستعملة في النفي لا في النهي ، وذلك لأن «لا» الداخلة على الجملة الاسمية ظاهرة بحسب طبعها اللغوي في ذلك. وعلى أساس هذا الظهور تسقط بعض الاحتمالات كالوجه الأول في تخريج الاتجاه الثالث.
الظهور الثاني : أن «لا» قد انصبّ على الضرر لا على كلمة مقدّرة ، وذلك بمقتضى أصالة عدم التقدير ، وبهذا ينفى بعض الوجوه التي ذكرت لتخريج الاتجاه الأوّل.
الظهور الثالث : أن يكون «الضرر» مستعملاً في معناه الموضوع ، لأن استعماله في غير ما وضع له مجاز ، وبذلك تنتفي بعض الاحتمالات لتخريج الاتجاه الأول كقولهم : إن «الضرر» استعمل في الحكم.
الظهور الرابع : أن النفي حقيقي صريح ، لا كنائي أو عنائي ، لأن الكناية في نفسها تتوقف دائماً على إعمال عناية ، وحينئذ كل وجه كان قائماً على أساس كون الجملة كنائية يكون باطلاً ، لأن كل كناية تستبطن عناية لا محالة ، وهذا معناه أن كل العنايات التي عرفناها سابقاً مقتضى الأصل فيها أنها تحتاج إلى قرينة ، ومن الواضح أن مقتضى الأصل في النفي أن يكون بلا عناية ، أي يكون نفياً صريحاً ، وعلى هذا تبطل جميع الوجوه التي كانت تتضمّن الكناية.
الظهور الخامس : أن المنفي هو الوجود الحقيقي للضرر ، لا الوجود العنائي كالاستساغي أو التشريعي ونحوهما ، لأن ذلك هو مقتضى «لا»