ذروة الكمال» (١).
ولست الآن بصدد بيان الملامح والسمات العامة التي تميّزت بها هذه العصور الأربعة من عصور العلم ، وما تركته من آثار عميقة وواسعة على عملية الاستنباط عموماً سواء على مستوى القواعد الأصولية أو الأبحاث الفقهية ؛ لأنّ ذلك له مجال آخر ، وإنّما الذي أريد الوقوف عليه قليلاً ، هو بيان بعض السمات والخصائص العامّة التي تميّزت بها المدرسة الفكرية للسيّد الصدر عموماً لا سيما فيما يرتبط بإبداعاته ونظرياته في علم الأصول.
الخصوصية الأولى
في مجال نظرية المعرفة
من السمات البارزة التي تميّزت بها مدرسة السيد الصدر إبداعاته الأساسية في مجال المعرفة الإنسانية ، ونعني بها «تناول مصادر المعرفة ومنابعها الأساسية بالبحث والدرس ، ومحاولة استكشاف الركائز الأوّلية للكيان الفكري الجبّار الذي تملكه البشرية ، والإجابة بذلك عن هذا التساؤل : كيف نشأت المعرفة عند الإنسان ، وكيف تكوّنت حياته العقلية بكلّ ما تزخر به من أفكار ومفاهيم ، وما هو المصدر الذي يمدّ الإنسان بذلك السيل من الفكر والإدراك؟» (٢).
__________________
(١) مباحث الأصول ، تقريراً لأبحاث سماحة آية الله العظمى الشهيد السيد محمد باقر الصدر ، السيد كاظم الحسيني الحائري ، الجزء الأول من القسم الثاني ، ص ٥٨.
(٢) فلسفتنا ، دراسة موضوعية في معترك الصراع الفكري القائم بين مختلف التيارات