وهذا العمل كان يوقع صاحب البستان في مكروه وضيق ، وهو يرجع بحسب الارتكاز العقلائي إلى نقص في حقّه ، لأن من حقوق الإنسان أن يكون قادراً على حفظ كرامة عائلته وشؤونها بنحو كامل ، وسلب هذا الحق يعدّ نحواً من النقص ، فالضرر طبق في الرواية على مثل هذا المورد.
وهذا من المطالب المهمّة في مقام الاستنباط ، لأن كثيراً من الفقهاء الذين فسَّروا الضرر بالنقص في المال والنفس والعرض ، نجدهم في كل مورد لا يرون نقصاً في أحد هذه العناوين لا يطبّقون القاعدة. وعلى هذا الأساس لا يطبقون هذه الكبرى على الموارد التي أشرنا إليها وما يشابهها ، مع أن الإضرار الواقعة فيها أشدّ بمراتب من الإضرار التي تقع بالمعنى التقليدي للضرر. فهذه التوسعة في مفهوم الضرر ، مضافاً إلى أن الارتكاز العرفي يساعد عليها ، توجد عليها قرينة من نفس الرواية ، حيث لا يتم التطبيق إلّا بلحاظ هذه التوسعة.
تقابل الضرر والنفع
بقي الكلام فيما ذكره المحقّق صاحب الكفاية ، من أن التقابل بين الضرر والمنفعة هو تقابل العدم والملكة (١). واستشكل عليه المحقق الأصفهاني بأن تعبيره في المقام يختلف عمّا ذهب إليه الآخرون من أنهما ضدّان ، ولم يقبلهما معاً (٢).
__________________
(١) كفاية الأصول ، تأليف الأستاذ الأعظم المحقق الكبير الآخوند الشيخ محمد كاظم الخراساني (قدسسره) ، تحقيق مؤسسة آل البيت (عليهمالسلام) لإحياء التراث ، ص ٣٨١.
(٢) قال (قدسسره) : «ظاهر أهل اللغة أن تقابل الضرر والنفع تقابل التضاد ، وظاهر شيخنا الأستاذ (قدسسره) أن تقابلهما تقابل العدم والملكة ، ولا يخلو كلاهما عن محذور : اما الاول فواضح ، اذ لیس الضرر بالنقص فی النفس او المال