ذاك النقص بصدور عمل خارجي من قبل شخص يؤدي بالإنسان إلى إيقاعه في المكروه. ولعل هذا هو مقصود بعض اللغويين حيث ذكروا في معنى هذه المادة ، بأنه الفعل الذي يوقع في المكروه. بناءً على هذا يصدق الضرر على ما نحن فيه وإن لم يقع العامل في النقص من ناحية تلك العناوين.
ويمكن أن يقال : إن هذا بحسب الدقة أيضاً يرجع إلى النقص ، وليس من باب التعويض عن النقص بشيء آخر ، فهو نقص في حق هذا الشخص ، وذلك لارتكاز استحقاق كل إنسان لمرتبة من الاستقرار والطمأنينة والحرية في التصرف والانتقال ، وهذا حق ثابت للإنسان بحسب الارتكاز العقلائي إلّا من خرج بملاكات خاصّة كالمسجون بجريمته فهذه الأعمال تعتبر بحسب الحقيقة نقصاً في حقّه أيضاً ، أي سلباً لما هو حقّه ، فإنه لا فرق في ذلك بين أن يُسلب حقّ عينيّ متمثّل في مال خارجي ، أو يُسلب حق معنويّ متمثِّل في نحو من العيش والاستقرار ؛ فيقال بأن هذا الشخص اعتدى على حق العامل ، وإن لم ينقص من أمواله شيئاً.
وهذا النحو من الضرر مشمول للقاعدة أيضاً بقرينة المورد ، وهي قصة سمرة. فماذا فعَل سمرة بالنسبة إلى ذلك الصحابي ليصدق عنوان الضرر ، هل أنقص من ماله أو نفسه أو كرامته شيئاً؟ يقول جملة من الفقهاء : هذا ضرر عرضي باعتبار أنه كان يهتك عرضه. وقد بيّنا فيما سبق أن هذا خلط بين عدم ترتيب الأثر على كرامته وعرضه ، وبين انتهاكه ؛ وما يكون ضرراً هو الثاني دون الأوّل ، فلا يوجد هنا ضرر ينطبق عليه أحد العناوين الثلاثة بحسب الحقيقة. نعم إنَّ فعْل سمرة كان سبباً في وجود ضيق وشدّة على الصحابي ، لأن سمرة كان مصرّاً على الدخول إلى البيت بلا استئذان من الأنصاري ،