(بدعوى أنه لا يصدق في العرف على من سبّ شخصاً أو نظر إلى محارمه بوجه غير مشروع أنه أضرَّ به ، كما أنه لا يقال إنه نفعه لمجرّد أن يثني عليه ، ومن هنا خُصص مفهوم الضرر في بعض الكلمات بخصوص النقص في النفس والمال) غير تامّ ؛ لأن هذه الموارد ليست داخلة فيما نحن فيه.
فإنه يفرض تارة أننا ننقص مال شخص فنتلف بعض كتبه مثلاً ، فهذا ضرر بلا إشكال ؛ وأخرى لا نحفظ حرمة مالكيته لهذا المال ، فنطالع في كتابه بلا إذنه ، وهذا لا يصدق عليه أنه ضرر على المالك.
هذه النكتة يمكن تطبيقها على الكرامة والعرض أيضاً ، فإنه تارة تهتك كرامته وعِرضه من جرّاء عمل يؤدي إلى تنقيص شأن هذا الإنسان واعتباره بين الناس ويفقد كرامته في المجتمع ، فهذا ضرر بلا إشكال ، بل هو أعظم من الإضرار المالية في جملة من الموارد ؛ وأخرى يفرض أنه لا يرتب الأثر على هذه الكرامة والاعتبار ، فينظر إلى محارمه كما كان يفعل سمرة بالنسبة إلى الصحابي ، فلا يكون نقصاً.
فما توهِّم خلْط بين هتك كرامة أحد وبين عدم ترتيب الأثر عليها ، وما ذكر من الموارد كلها من قبيل الثاني لا الأول. إذن فالنقص الذي هو مقوّم مفهوم الضرر ، يعمّ النقص في العرض والكرامة أيضاً بالمعنى العام.
بقي هنا شيء وهو أن النقص في هذه العناوين قد يستبدل أحياناً بشيء آخر ، بحيث يصدق الضرر من دون نقص في تلك العناوين. مثلاً : لو أن عاملاً ذهب إلى شركة تجارية لأجل أن يعمل ، وفرضنا أن شخصاً كسمرة طلب من صاحب الشركة عدم تشغيله ، فهذا الفعل يوقع ضرراً كبيراً على العامل ، مع أنه لم يحصل نقص في النفس أو المال أو العرض. فهنا عُوِّض عن