وأمّا المعطيات الأساسية التي تحقّقت من خلال هذه الدراسة فهي
أ : على مستوى الأصول العقائدية
يقول السيّد الصدر : «إنّ هذه الدراسة تبرهن على حقيقة في غاية الأهمّية من الناحية العقائدية وهي الهدف الحقيقي الذي توخّينا تحقيقه عن طريق تلك الدراسة ، وهذه الحقيقة هي أنّ الأسس المنطقية التي تقوم عليها كلّ الاستدلالات العلمية المستمدّة من الملاحظة والتجربة هي نفس الأسس المنطقية ، التي يقوم عليها الاستدلال على إثبات الصانع المدبّر لهذا العالم من طريق ما يتّصف به العالم من مظاهر الحكمة والتدبير ، فإنّ هذا الاستدلال كأي استدلال علمي آخر استقرائي بطبيعته وتطبيق للطريقة العامّة التي حدّدناها للدليل الاستقرائي في كلتا مرحلتيه.
فالإنسان بين أمرين فهو إمّا أن يرفض الاستدلال العلمي ككلّ ، وإمّا أن يقبل الاستدلال العلمي ويعطي للاستدلال الاستقرائي على إثبات الصانع نفس القيمة التي يمنحها للاستدلال العلمي.
وهكذا نبرهن على أنّ العلم والإيمان مرتبطان في أساسهما المنطقي الاستقرائي ، ولا يمكن من وجهة النظر المنطقية للاستقراء الفصل بينهما» (١). ومن هنا نجد أن الأستاذ الشهيد حاول في مقدّمة كتابه «الفتاوى الواضحة» تأسيس أصول العقائد من خلال نظرية الاحتمال التي انتهى إليها ، فنراه يقول بصدد إثبات الصانع الحكيم المدبّر لهذا العالم : «وسنعرض فيما يلي
__________________
(١) الأسس المنطقية ، مصدر سابق ، ص ٥٠٧.