تقدّم اتجاهاً جديداً في نظرية المعرفة يفسّر الجزء الأكبر منها تفسيراً استقرائياً مرتبطاً بتلك الأسس المنطقية التي كشف عنها البحث» (١).
وممّا تقدّم اتّضح أنّ السيد الصدر لم يهدم ما بناه المنطق الأرسطي برمّته كما قد يُتوهّم ، وإنّما أضاف طريقاً آخر لتوالد المعرفة البشرية ، وهذا ما يصرّح به في مواضع متعدّدة.
قال في مباحث الأصول : «والصحيح في دفع منشأ التشكيك للأخباري أن يقال : إنّ العقل العملي ينقسم إلى قسمين ، عقل أوّل وعقل ثان ، كما قسّموا العقل النظري إلى قسمين ، بديهي أوّلي وبرهاني ثانوي ونحن أضفنا إليهما الإدراك بحساب الاحتمالات (٢).
وقال في الأسس المنطقية في تفسير نمو المعرفة : «إنّ المعارف القبلية الأوّلية كيف يمكن أن تنشأ منها معارف جديدة؟ وكيف يمكننا أن نستنتج من القضايا التي تشكّل الأساس الأوّل للمعرفة قضايا أخرى وهكذا حتّى يتكامل البناء؟
وفي هذه النقطة يختلف المذهب العقلي مع المذهب الذاتي اختلافاً أساسياً. فالمذهب العقلي لا يعترف عادة إلّا بطريقة واحدة لنموّ المعرفة وهي
طريقة التوالد الموضوعي ، بينما يرى المذهب الذاتي أنّ في الفكر طريقتين لنمو المعرفة إحداهما التوالد الموضوعي ، والأخرى التوالد الذاتي ويعتقد المذهب الذاتي بأنّ الجزء الأكبر من معرفتنا بالإمكان تفسيره على أساس التوالد الذاتي» (٣).
__________________
(١) الأسس المنطقية ، مصدر سابق ، ص ٥٠٧.
(٢) مباحث الأصول ، مصدر سابق ، ج ١ ، ص ٥٤٦.
(٣) الأسس المنطقية ، مصدر سابق ، ص ١٣٤.