أما الأول ، فلأن الضرر وإن كان عدماً ، لكنه ليس عدم المنفعة ليكون تقابله معها تقابل العدم والملكة ، بل عدم بقاء مرتبة التمام على حالها ، فهو عدم في قبال مرتبة التمام لا في قبال الزيادة. إذن فالضرر لا يقابل الزيادة ، لأن المعدوم به ليس هو الزيادة بل مرتبة التمام. وكذلك ليس التقابل بينهما هو التضاد ، لأن المتضادين أمران ثبوتيان ، والضرر ليس وجودياً ، بل عدمي كما تقدّم. وما ذكره غير تام.
أما قوله : إن الضرر أمر عدمي ، فقد تبيّن ممّا سبق أن الضرر ليس هو عبارة عن مجرّد عدم التمامية في الجانب الخارجي فقط ، بل هو مفهوم ثبوتي منتزع من إضافة هذا العدم إلى الإنسان المتضرّر. فليس هو مجرد عدم التمامية حتى يقال إنه كيف صار ضدّاً للمنفعة ، بل ليست المنفعة أيضاً مجرد الزيادة ،
__________________
او العرض أمراً وجودياً ، ليكون مع النفع الذي هو أمر وجودي ، متقابلين بتقابل التضاد. وأما الثاني : فلأن النفع هو الزيادة العائدة إلى من له علاقة بما فيه الفائدة العائدة إليه ، وعدمها عدم ما من شأنه أن يكون له فائدة عائدة. إلا أن عدم النفع ليس بضرر ، والضرر هو النقص في الشيء وهو عدم ما من شأنه التمامية ، فهو عدم التمامية ، لا عدم الزيادة ، ليكون مقابلاً لها. بتقابل العدم والملكة ، وعدم الزيادة ليس بنقص حتى يرجع إلى الضرر.
نعم النقص والزيادة متقابلان بتقابل العدم والملكة بالعرض ، لأن الزيادة تستدعي بقاء المزيد على حدّه الوجودي ، فالنقص بمعنى عدم بقائه على صفة الثمامية يستلزم عدم الزيادة ، فيقابل الزيادة بالعرض». نهاية الدراية في شرح الكفاية ، تأليف آية الله العظمى المحقق الكبير الشيخ محمد حسين الأصفهاني ، تحقيق الشيخ أبي الحسن القائمي ، مؤسسة آل البيت (عليهمالسلام) لإحياء التراث ، ج ٤ ، ص ٤٣٦.