__________________
وتقديم الدليل الحاكم على المحكوم ، سواء كان متصلاً به أو منفصلاً عنه ، فلا نحتاج في تقديم الحاكم المنفصل إلى مصادرة إضافية ، كما نحتاج إليها في التخصيص. فإن نكتة أن للمتكلم أن ينصب القرينة بنفسه لتحديد مرامه من خطابه ، نسبتها إلى القرينة المتصلة والمنفصلة على حدٍّ سواء ، وإن كانت القرينة المتصلة تختلف عن المنفصلة من حيث تأثيرها على ظهور ذي القرينة وهدمها له ، في حين أن القرينة المنفصلة تهدم الحجية فحسب.
الثاني : أقسام الحكومة :
قد عرفت أن الدليل الحاكم يشتمل على خصوصية تجعله ناظراً إلى مفاد الدليل المحكوم ، وقرينة شخصية على تحديد المراد النهائي منه ، وهذه الخصوصية تكون بأساليب ثلاثة رئيسية :
١ لسان التفسير ، بأن يكون أحد الدليلين مفسِّراً للآخر ، سواء كان ذلك بأحد أدوات التفسير البارزة ، مثل «أو وأعني» أو بما يكون مستبطناً لذلك ، وهذه حكومة تفسيرية.
٢ لسان التنزيل ، بأن يكون أحد الدليلين منزِّلاً لشيء منزلة موضوع الدليل الآخر ، كما إذا قال : «الطواف بالبيت صلاة» فإنه يكون حينئذ ناظراً إلى مفاد الدليل المحكوم من خلال التنزيل ، إذ لولا نظره إليه وفرض ثبوت ما رتب من الحكم على ذلك الموضوع فيه ، لم يكن التنزيل معقولاً ، وهذه حكومة تنزيلية.
٣ مناسبات الحكم والموضوع المكتنفة بالدليل الحاكم والتي تجعله ناظراً إلى مفاد الدليل المحكوم ، من قبيل ما يقال في أدلّة نفي الضرر والحرج ، من ظهورهافي نفي إطلاقات الأحكام الأولية ، لا نفي الحكم الضرري والحرجي ابتداءً ، باعتبار أنه لم يكن من المترقّب في الشريعة جعل أحكام ضررية بطبيعتها ، وإنّما المترقب جعل أحكام قد تصبح ضررية أو حرجية في بعض الأحيان ، فتكون أدلّة نفي الضرر