الحرمة من خلال تطبيق «لا ضرر» على ذلك الأمر العدمي.
ثم إن المحقّق الأصفهاني (قدِّس سره) ذكر كلاماً آخر في المقام حاصله : أن لسان القاعدة هو الحكومة على الأدلّة الأوّلية ، وهذا يستلزم وجود حكم وجودي أو عدمي في الرتبة السابقة ، لكي يرفع إطلاقه لحالة الضرر. ومن الواضح أن ذلك لا يتم إلّا إذا فرض وجود حالتين للحكم ، يكون في إحداهما ضرريّاً دون الآخر ، والقاعدة تنظر إليه وترفعه في حالة الضرر. ولا يمكن تطبيق ذلك في المقام ، لأن عدم ضمان الغاصب من أصله حكم ضرري ، وليس له حالتان ، في إحداهما يكون ضرريّاً دون الآخر ، فحاله حال الخمس والزكاة ، في أن الحكم بوجوبهما من أصله ضرري ، لذا لا يمكن نفي هذا الحكم بالقاعدة ، كما لم يمكن ذلك في الخمس والزكاة كما تقدّم.
والجواب عن ذلك ، مضافاً إلى ما تقدّم من أن القاعدة ناظرة إلى الشريعة ككل ويحكم عليها لا إلى كل فرد فرد من الأحكام مستقلا ، أن دائرة عدم الضمان تتحدّد بتحديد دائرة الضمان في الشريعة. فلو فرض أن الشارع قد حكم بالضمان في مورد الإتلاف العمدي ، فهذا معناه أن موضوع الحكم بعدم الضمان ما لم يكن كذلك ، كما لو تلف بلا عمد ، أو بتلف سماوي ، أو لم يتلف أصلاً. ومن الواضح أن هذا الحكم العدمي أصله ليس ضرريّاً ، بل إطلاقه لصورة الإتلاف غير العمدي هو الضرري ، فيرتفع بالقاعدة ، فيكون حاله كوجوب الوضوء ضرريّاً في إحدى الحالتين دون الأخرى. وبذلك يتضح أنه لا بأس بإثبات الضمان بالقاعدة في الموارد التي تكون على طبق الارتكاز العقلائي. وقد تحصّل ممّا تقدّم عموم القاعدة وشمولها للأحكام العدمية الضررية أيضاً.