يضربه ملتفتاً إلى أن هذا الضرب يقع عليه فيؤذيه فيقال له : «ضاربه» ، وهذا بحسب الحقيقة معنىً آخر للتعدّي غير ما كنّا نتكلّم عنه وهو التعدّي المصطلح. وليس هذا التعدّي ذاتياً لمدلول المجرّد المتعدّي ولا ما يتكفّل له الحرف في «جلس إليه» ، وكأن «ضارب» موضوع للضرب العمدي أي للنسبة الصادرة عن عمد والتفات بأنها سوف تقع على شخص آخر ؛ لذا ذكر أنك إذا خدعت شخصاً وأنت غير ملتفت يقال «خدعته» أما إذا تعمّدت خديعته يقال : «خادعته».
إلّا أن ما ذكره لا يمكن المساعدة عليه ، فإن الفهم والارتكاز العرفي لا يساعدان على أخذ نكتة العمدية والقصدية في مدلول «فاعَل» في تمام الدائرة التي قال عنها المشهور إنها من فعْل الاثنين ، لأننا نرى أن تلك المصاديق التي تكون من باب المفاعلة عموماً لا يؤخذ فيها القصد والاختيار. فمثلاً : نجد «قابل» يصح أن يقال فيها بلا مئونة «قابلته في الطريق مصادفة أو بلا التفات». إذن فالقصدية والعمدية وإن فُهمت من «خادعت أو ضاربت» فهو بنكتة أخرى لا أن القصد أُخذ دخيلاً في المدلول ، بل النسبة في هذا الباب تنسجم مع القصد ومع عدمه.
هذا تمام الكلام فيما يتعلّق بالقسم الثالث من كلامه (قدسسره).
أما القسم الثاني : فقد فهم المحقّق الأصفهاني من كلام المشهور أنهم يقولون : إن «فاعَل وتفاعَلَ» كل منهما موضوع لنسبتين ؛ غاية الأمر أنهما في «فاعَل» إحداهما في طول الأخرى ، أما في «تفاعَل» فالنسبتان في عرض واحد. واعترض عليهم بأنه لا يصحّ القول بأن الهيئة موضوعة لنسبتين ، بل «تفاعَل» موضوع لنسبة واحدة متحصّلة من مجموع النسبتين على النحو