كانت تعيشها المجتمعات العقلائية ولا زالت إلى يومنا هذا ، وهي ناشئة من ارتكازات عقلائية بقطع النظر عن الشريعة ؛ من هنا لو لم يعترف الشارع بمثل هذه الحقوق لكان ذلك ضرراً بلحاظ النظر العقلائي. وبهذا يتحقّق مصداق حقيقي آخر للضرر ، فتشمله القاعدة كما أوضحناه فيما سبق.
لا يقال : إن الاستدلال ب «لا ضرر» حينئذ يكون لغواً ، لأن المفروض أن خيار الغبن مثلاً قائم على أساس ارتكاز عقلائي ، فيثبت بالسيرة العقلائية من دون حاجة إلى دليل آخر.
لأنه يقال : إن الاستدلال بالسيرة إنّما يتمّ إذا كانت ممضاة من قبل الشارع. وقاعدة «لا ضرر» تثبت الإمضاء.
إذن فهذا التقريب تامّ في نفسه ، وينسجم مع الأصول التي نقّحناها في تفسير القاعدة.
أما القسم الثاني من كلامه فيرد عليه :
أولاً : أن دعوى عدم إمكان إثبات الجواز الحقي من القاعدة غير تام ، لما ذكرناه في التقريب المختار في بيان كيفية جريانها في المقام ، لأن المجعول عقلائياً هو الحق بعنوانه ، حينئذ يعتبر سلب هذا الحق ضرريّاً ، فتترتّب الآثار واللوازم المتقدّمة.
ثانياً : لو سلمنا أن تطبيق «لا ضرر» في المقام كان بلحاظ الضرر المالي كما ذكره المحقق العراقي ، لأمكن استفادة كلا اللازمين المتقدّمين أيضاً.
أما قابليته للإسقاط ، فلأنّ لزوم المعاملة الذي نريد أن نرفعه ب «لا ضرر» له حصّتان ، إحداهما : اللزوم في حالة عدم إسقاط المغبون لحقّه ، والأخرى : اللزوم في حالة رفعه اليد عن حقه الذي يلازم الإسقاط. إذن لا بد