__________________
موازين التمسك بالعام عند الشك في مخصصة المنفصل بأقسامه. فيجوز التمسك بالمحكوم في باب الحكومة عند ما يجوز التمسك بالعام في باب التخصيص ، ولا يجوز الأول حينما لا يجوز الثاني. كما أن ابتلاء الدليل الحاكم بالإجمال إذا كان متصلاً بالدليل المحكوم كابتلاء المخصص المتصل بذلك من حيث تأثيره على ما اتصل به وسريان الإجمال منه إليه. والسبب في كل ذلك هو ما تقدّم من أن تقديم الدليل الحاكم يكون بملاك القرينية.
٣ إن الدليل الحاكم يتقدّم ولو كانت دلالته من أضعف الظهورات على الدليل المحكوم ولو كانت دلالته من أقوى الظهورات ولا يطبّق عليهما قانون تقديم أقوى الظهورين ، لأن حجية الظهور في الدليل المحكوم مقيّدة (بحكم المصادرة المفترضة للحكومة) بأن لا يرد تفسير من المتكلم على الخلاف. فأي ظهور يدل على ورود ذلك التفسير مهما كان ضعيفاً ، يستحيل أن يكون مزاحماً في الحجية مع ظهور الدليل المحكوم ، فلا تصل النوبة إلى تقديم أقوى الظهورين. وهذا هو السبب في عدم ملاحظة النسبة أو درجة الظهور بين مفاد الدليل الحاكم ومفاد الدليل المحكوم في موارد الحكومة.
٤ بعد أن عرفت أن الحكومة إنما تكون بالنظر ، فلا بدّ في إثبات أي حكم بالدليل الحاكم رفعاً أو وضعاً من إحراز نظر ذلك الدليل الحاكم إليه.
فلو دل الدليل على أن الطواف بالبيت صلاة ، فالمقدار الذي يثبت من آثار الصلاة وأحكامها للطواف بهذا الدليل ، إنّما يكون بمقدار نظر هذا الدليل إلى أحكام الصلاة ، لأن نكتة الحكومة إذا كانت عبارة عن النظر والتفسير فلا محالة تتحدّد بحدوده. وكذلك الحال في حكومة أدلّة نفي الحرج والضرر على أدلة الأحكام الأولية ، فإنها تحكم على أدلة تلك الأحكام بمقدار إطلاق نظرها إليها لا أكثر ، وهذا واضح.