على ما ستعرف ، بل عن المقاصد العلية أنه ربما قيل بوجوبه ، بل عن المبسوط وغيره استحباب مسح إحدى يديه بالأخرى بعد النفض ، وفي الروضة ينفخ ما عليهما من أثر الصعيد أو يمسحهما ونحو ذلك مما يفيد إرادتهم بالنفض ما يشمل ما لا يبقى معه شيء من التراب ، على أنه من أفراد النفض قطعا ، فيندرج في المستحب حينئذ.
ومن هنا جعل في المختلف وغيره القول باعتبار العلوق المحكي عن ابن الجنيد مقابلا للقول باستحباب النفض وأي عاقل يجوز على الأئمة (ع) والفقهاء اعتبار العلوق وأنه يفسد التيمم بدونه مع إطلاقهم استحباب النفض والتيمم بالحجر ونحوه مما هو مظنة عدم حصوله من دون نص من أحد منهم أو أمر بالمحافظة عليه ، وما ذاك إلا إغراء للمكلفين بالجهل ، ينزهون عنه ، فلذا أمكن للتأمل في كلمات الأصحاب تحصيل الإجماع منهم على عدم اعتبار العلوق ، سيما بعد ما عرفت من دعواه ، وبعد عدم نقل الخلاف فيه من أحد من الأصحاب في الكتب المعدة لذلك ، بل نسب إليهم جميعا إلا من ابن الجنيد وبعض العامة ، ويشهد له التتبع ، فما في المفاتيح من نسبته إلى السيد وجماعة وهم قطعا ، وظني أنه توهمه من مذهبه في الصعيد أنه التراب ، فتخيل التلازم ، وهو واضح الفساد كما يعرف مما تقدم على أنه لا تلازم.
وكيف كان فالحجة عليه حينئذ ـ بعد الأصل ، وما تقدم في تفسير الصعيد خصوصا ما عرفته من جواز التيمم بالحجر اختيارا عند الأصحاب الشامل بإطلاقه إن لم يكن صريحا للمجرد عن العلوق ـ إطلاق الأدلة كتابا (١) وسنة (٢) وصريح الإجماع المحكي في جامع المقاصد المعتضد بظاهره القريب من الصريح في المنتهى وكنز العرفان وغيرهما ، بل وبصريحه أيضا من الفاضل الجواد في اليدين ، مع إمكان تتميمه بعدم القول
__________________
(١) سورة النساء الآية ٤٦ وسورة المائدة ـ الآية ٩.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب التيمم.