وسيما النهي عن إبطال العمل لو سلم كون المراد من الآية ذلك ، لظهورها في إرادة النهي عن إبطال الأعمال بالارتداد والكفر ونحوهما ، ومن هنا أنكر بعض المتأخرين وجود ما يدل على النهي عن قطع الصلاة في الكتاب والسنة ، فليس حينئذ إلا الإجماع إن ثبت ، وهو هنا في محل المنع ، سيما بعد ما عرفت من الحكم بالاستحباب عند من تقدم ممن قال بالمضي ، وان ذلك منه عجيب بعد استدلاله بالنهي عن الابطال ، بل قد يتعجب أيضا حينئذ من جواز إتمام الصلاة بالتيمم مع التمكن من الطهارة المائية التي هي شرط للأبعاض كالجملة ، مع كون التيمم طهارة اضطرارية ، ولا اضطرار بعد فرض جواز القطع فضلا عن استحبابه ، وقد يتعجب أيضا من اجتماع استحباب القطع مع الوجوب إلا على تكلف ، هذا. على ان ذلك بعد ثبوته بطلان لا إبطال لعمل صحيح ، وكيف وصحته متوقفة على ثبوت عدم ناقضية الماء للتيمم في هذا الحال ، وهو محل البحث.
وكذا الكلام فيما دل على النهي عن الانصراف حتى يجد الريح إلى آخره. مع انه مساق لبيان أمر آخر ، وهو عدم الالتفات إلى ما يتخيله الإنسان حدثا مما ينفخ الشيطان في دبره.
وأما خبر ابن حمران فهو ـ مع ما في سنده من اشتراك ابني سماعة وحمران بين الثقة وغيره ـ محتمل لان يراد بالدخول في الصلاة فيه الدخول بالركوع منها ، إذ هو الدخول الكامل ، سيما مع ملاحظة ما ورد ان أولها الركوع (١) وان الصلاة ثلث طهور ، وثلث ركوع ، وثلث سجود (٢) وان إدراك الركعة بإدراك الركوع (٣) إلى غير ذلك.
ومنه يعرف ما في دعوى صراحته أو ظهوره بما قبل الركوع ، ولو سلم لأمكن حمله على ضيق الوقت عن القطع والطهارة كما يشعر به ذيله ، فيخرج عن محل النزاع
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب الركوع ـ الحديث ٦ ـ ١ من كتاب الصلاة.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب الركوع ـ الحديث ٦ ـ ١ من كتاب الصلاة.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب صلاة الجماعة.