حينئذ ، ولو سلم عدم قبولها لذلك فلا ريب ان خبر زرارة المروي في التهذيب والكافي بأعلى درجات الصحة ، مع ان زرارة لا يقاس بغيره علما وعدالة المعتضد بخبر ابن عاصم المروي فيهما ومستطرفات السرائر أيضا ، بل في الأول منهما بغير واحد من الطرق ، بل يمكن تصحيحه بأحدها ، سيما بعد ما سمعته من المعتبر مما يفيد عدالة عبد الله ، وان ذكر أن غيره أعدل منه ، وبما تقدم سابقا من أصالة الشغل ، وما دل (١) على النقض بوجدان الماء ، وبما ورد (٢) من زيادة التأكد على الطهارة المائية حتى أمر بشراء مائها بأضعاف ثمنه ، وان التيمم طهارة اضطرارية ، بل ربما عد انه هلاك الدين ، إلى غير ذلك من الأمور الكثيرة أقوى وأرجح قطعا ، خصوصا مع موافقة خبر ابن حمران لفتوى كثير من العامة كالشافعي وداود وأحمد في رواية ، وأبي ثور وابن المنذر ، بخلاف رواية التفصيل ، فإنها لم ينقل عن أحد منهم القول بها ، والرشد في خلافهم.
ومن ذلك كله يظهر لك ما في دعوى العكس كما سمعته من المعتبر ، لكن قد يعتذر عنه بأنه لم يطلع على صحيحة زرارة ، ولذا لم يتعرض لها أصلا ، نعم يتجه ذلك على غيره كالمنتهى ، واحتمال دفع ذلك كله بالشهرة بل انقراض الخلاف بين عظماء المتأخرين مع الإجماع السابق عن السرائر والرضوي يدفعه ـ بعد تسليم صلاحية مثل هذه الشهرة لذلك ، لعدم ندرة مقابلها ، بل المسلم منها أكثرية المخالف في الجملة ـ قد يناقش فيها بعدم تحققها أيضا في محل النزاع ، وهو ما لو وسع الوقت للقطع والطهارة ، لاحتمال كلام كثير من المخالف هنا ان عدم جواز القطع للبناء منهم على التيمم عند الضيق الذي لا يسع معه ذلك ، وإلا فمع السعة له يتعين عندهم ما قلناه ، كما صرح به في التهذيب والاستبصار في وجه كالمختلف ، ويعطيه كلام ابن زهرة ، بل والسرائر ، كما عن الواسطة
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٩ ـ من أبواب التيمم.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب التيمم.