ما يكفي أحدهما ، أيهما أولى أن يجعل الماء له؟ قال : يتيمم الجنب ويغسل الميت بالماء ».
ومن هنا قال المصنف في ذلك تردد لكن لا ريب في ضعفه ، لمعارضة ما ذكر من الاعتبار بمثله ، وقصور مرسله بالنسبة للصحيح المتقدم المعتضد بالخبرين ، وبما فيه وفيهما من التعليل ، وبالشهرة بين الأصحاب قولا ، والرواة رواية ، وإمكان تأويل المرسل وإرجاعه للأول ، كخبر أبي بصير (١) قال : « سألت الصادق عليهالسلام عن قوم كانوا في سفر فأصاب بعضهم جنابة وليس معهم من الماء إلا ما يكفي الجنب لغسله ، يتوضؤون هم هو أفضل ، أو يعطون الجنب فيغتسل وهم لا يتوضؤون؟فقال : يتوضؤون هم ويتيمم الجنب » إذ يمكن حمله على كون الماء لهم ، أو كون حصة كل منهم تكفي لوضوئه ، مع أنا لم نعثر على من عمل به بالنسبة الى ذلك ، بل ظاهرهم الاتفاق كما قيل على تقديم الجنب عليه ، أو الميت لو كان ، بل في المحكي عن التنقيح الإجماع على تقديم سائر أنواع الأكبر عليه.
ومن ذلك كله يظهر ضعف ما في الخلاف وعن المبسوط ، لكن أبدل المحدث بالحائض فيهما من القول بالتخيير معللا في الأول بأنها فروض اجتمعت وليس بعضها أولى من بعض ، فتعين التخيير ، لان الروايات اختلفت على وجه لا ترجيح فتحمل عليه ، لما عرفت من ظهور الرجحان ، ولعل مراد الشيخ نفي الأولوية الإلزامية لا الندبية ، فلا يكون حينئذ مخالفا ، قال في المعتبر : « وما ذكره الشيخ ليس موضع البحث ، فانا لا نخالف أن لهم الخيرة ، لكن البحث في الأولى أولوية لا تبلغ اللزوم » إلى آخره.
وصريحه كصريح بعض من تأخر عنه أن محل النزاع في الأفضلية ، بل قد تشعر عبارته بالإجماع على عدم الوجوب ، وبه يوهن احتمال الأخذ بظاهر الأمر في الاخبار السابقة ، والخروج بذلك عما تقتضيه أصول المذهب من تسلط الناس على أموالهم
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٨ ـ من أبواب التيمم ـ الحديث ٢.