قلت : لكن للنظر في جميع ذلك مجال لانقطاع الأصل بما مر في البحث السابق من القاعدة والعموم اللغوي الممنوع انصرافه إلى غيره ، سيما في كثير من الحيوانات البحرية العظيمة الهيكل ، واحتمال القول ان اللحم مطلق ولا عموم لغوي فيه ، فينصرف إلى المعهود ، فلا يشمل مثل الحية والوزغ ونحوها يدفعه ـ مع إمكان نقضه ببعض لحوم ذي النفس أيضا ، وانه مكابرة واضحة ، للقطع بعدم مدخلية النفس وعدمها في العهدية وعدمها ، وانا نمنع اعتبار هذا الانصراف ـ إنه من توابع العموم اللغوي وفي سياقه ، فحكمه حكمه.
ويؤيده ما يأتي في باب الصلاة من عدم جواز الصلاة في جلد ما لا يؤكل لحمه وان لم يكن له نفس ، بل ولا شيء من فضلاته بعد ان يكون له لحم يعتد به ، وما ذاك إلا لتناول ما دل على منع الصلاة في شيء مما لا يؤكل لحمه لمثله ، وعدم اختصاصه بذي النفس ، فدعوى الانصراف هنا إلى ذي النفس والعموم هناك مع اتحاد العبارة بل هي في المقام أصرح في غير محلها ، ولظهور عدم التلازم بين طهارة الميتة والدم وبين ما نحن فيه ، ولذا رده في الحدائق وشرح الدروس بأنه قياس لا نقول به ، كظهور ضعف إشعار نفي البأس السابق ، لانسياقه إلى إرادته من حيث الموت ، على ان التحقيق عندنا عدم نجاسة البئر بملاقاة النجاسة ، وعدم تحقق الخلاف انما يجدي لو رجع إلى إجماع ، وإلا فلا ، على انه قد يقال بتحققه هنا ، لإطلاق أو تعميم جملة من الأصحاب الحكم بنجاستهما مما لا يؤكل لحمه من غير تقييد بذي النفس ، كالمقنعة والخلاف وجمل الشيخ والوسيلة والغنية وإشارة السبق والدروس ، بل والنافع خصوصا مع التقييد بذلك في الميتة والدم وتركه هنا ، فلعل هؤلاء قائلون بالنجاسة ، بل يخرج حينئذ إجماع الخلاف والغنية لإطلاق معقدهما كالمحكي عن غيرهما دليلا عليها أيضا ، ولا يعارضه ما حكي من الإجماع على النجاسة من ذي النفس بدعوى ظهور إرادة اختصاص النجاسة به ، لانه