ما بدا لك ، فإنك كنت مقيما على أمر عظيم ، ما كان أسوأ حالك لو مت على ذلك ، احمد الله واسأله التوبة من كل ما يكره ، فإنه لا يكره إلا القبيح ، والقبيح دعه لأهله ، فإن لكل أهلا »
والمناقشة فيه بالإرسال مع أن مثله في مثل ما نحن فيه غير قادح سيما بعد الانجبار مدفوعة بأنه كذلك في رواية الشيخ والصدوق بخلاف الكليني ، فإنه قد رواه مسندا ، بل الظاهر أنه صحيح ، فلاحظ. ولا ريب في استفادة ما ذكرنا من الأمرين منه سيما التعليل بالإقامة على العظيم ، بل ربما قيل باستفادة استحباب الغسل للتوبة ولو من الصغير كما يقتضيه عبارة من أطلق استحباب الغسل لها ، بل في صريح المنتهى الإجماع عليه بدعوى إشعار الاستدلال عليه بالآية الشريفة ، كقوله (ع) في آخره : « واسأله التوبة عن كل ما يكره » مع ظهور صغر ذنبه الذي قد أمره الإمام (ع) بالتوبة منه ، إذ ليس هو إلا الإقدام على ما يحتمل كونه معصية ، وترك السؤال عنه كما هو ظاهر الرواية ، ولم يثبت كون ذلك من الكبائر ، وجعل الامام عليهالسلام له أمرا عظيما إما لعظمه في نفسه أو لأنه في مقام الزجر والردع أو غير ذلك.
قلت : لكن الإنصاف أن ذلك كله تعسف ، لعدم الإشعار في الاستدلال بالآية كالكلية في آخره بالاغتسال لكل ذنب ، والجاهل المقصر كالعالم في عظم الذنب وصغره أيضا ، ولا ريب في كون استماع الغناء سيما من مثل الجوار إذ الغالب اشتماله على الملاهي حينئذ وغيره كبيرة من العالم ، وأيضا مع التسليم فالمفهوم من قوله (ع) : « كنت مقيما » الإصرار على ذلك ، وهو كبيرة ، فظهر حينئذ أن الاستدلال به على ذلك لا يخلو من تأمل ، فمن هنا اقتصر في الغنية كما عن غيرها على الكبيرة ، وربما فهم من نحو عبارة المصنف والقواعد لعدم تحقق الفسق بالصغيرة ، إلا أن يصر عليها ، فتكون كبيرة حينئذ.
ومنه يظهر دليل آخر غير الأصل ، لعدم استحباب الغسل لها من حيث وقوعها مكفرة ، فلا توبة منها حتى يشرع الغسل لها ، لكن قد يقال : إنه يكفي في ثبوت