مع خلو أكثر كتب الحديث عنها وقلة العامل بها وانقراضه لا تقطع الأصل ، ولا تحكم على غيرها من الأخبار (١) التي حصرت الواجب في غيره ، وخصوصا مع شهرة الندب ، بل إطباق المتأخرين عليه كما قيل ، بل في الغنية الإجماع عليه ، وعن ظاهر السرائر عدم الخلاف فيه عند ذكره اختلاف الأصحاب في أنواع الغسل الواجب ، وكفى بذلك دليلا على الندب ، وعلى تنزيل الرواية عليه بإرادة الواجب فيها المتأكد سيما مع التسامح في المستحب ، لكنه لا تقييد فيها بالثلاث ، إلا أنه ذكره غير واحد من الأصحاب ، بل نسبه في المصابيح إليهم عدا الصدوق والمفيد ، كما أنه قيد به في معقد إجماع الغنية ، ولعل ذا كاف في تقييد النص ، مضافا إلى ما قيل من أن الصلب شرعا لتفضيح المصلوب واعتبار الناس ، فكان النظر إليه في المدة المضروبة لصلبه وهي ثلاثة أيام بالنص والإجماع جائزا بل مطلوبا للشارع ، فلا يترتب عليه عقوبة ، وقد صرح في النص (٢) بأن الغسل عقوبة على النظر ، فوجب تخصيصه بالنظر الممنوع ، وهو ما كان بعد الثلاث.
قلت : إلا أن ذلك يقتضي اختصاص التقييد بالمصلوب بحق دون الظلم ، لعدم استحقاقه التفضيح ، لحرمة صلبه ووجوب إنزاله عن الخشبة مع التمكن منه مطلقا ، فهو في الثلاثة مساو للمصلوب بحق بعدها ، فالمتجه حينئذ ثبوت الغسل بالسعي إلى رؤياه فيها ، لكنه مناف لإطلاق المصلوب في كلامهم ، بل عن جامع المقاصد والروضة وفوائد الشرائع ومنهج السداد والروض والمسالك والفوائد الملية وتعليق الإرشاد التصريح بعموم المصلوب لهما ، وحمل التقييد بالثلاثة على إرادته بالنسبة إلى إطلاق الغسل ،
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب الأغسال المسنونة.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الأغسال المسنونة ـ الحديث ٣.