كتابا (١) وسنة (٢) وإجماعا محصلا ومنقولا من غير فرق فيه عندنا بين السفر والحضر بل في الخلاف والمنتهى الإجماع عليه بالخصوص ، كما أنه في الأخير الإجماع أيضا على عدم الفرق بين السفر الطويل والقصير ، لكن في بعض نسخ المدارك أنه أجمع علماؤنا كافة إلا من شذ على وجوب التيمم للصلاة مع فقد الماء سواء في ذلك الحاضر والمسافر ، ولم أعثر على الشاذ الذي استثناه إلا ما أرسله بعضهم هنا عن علم الهدى في شرح الرسالة أنه أوجب الإعادة على الحاضر ، وهو مع أنه لم يعرف هذا النقل عنه هنا ليس خلافا فيما نحن فيه ، إذ لا ينكر وجوب التيمم والصلاة عليه وإن أوجب الإعادة بعد ذلك.
فلعل الصواب ما في أكثر النسخ أجمع العلماء إلا من شذ ، ويراد بالشاذ حينئذ ما عن بعض العامة من حيث أنكر وجوب التيمم والصلاة على الحاضر ، مستدلا بظاهر تعليق الأمر بالتيمم في الآية الشريفة على السفر ، وفيه ـ مع أن مثله يكون حجة إن لم يخرج مخرج الغالب ، وإلا فهو ليس بحجة إجماعا كما في المنتهى ، وأنه لا يجري في الحاضر المريض أيضا ـ مبني على عدم جعل المجيء من الغائط وما بعده سببا مستقلا في التيمم ، بل هو راجع الى المرضى والمسافرين بجعل « أو » بمعنى الواو ، وأما بناء على التحقيق الذي قد سلف منا في الآية فهي بإطلاقها حينئذ لنا لا علينا ككثير من أخبارنا التي كادت تكون صريحة في عدم الفرق بينهما ، والأمر سهل.
فظهر لك من ذلك كله أنه لا فرق في مسوغية عدم الماء للتيمم بين الحاضر والمسافر ولا بين السفر الطويل والقصير ، ولا بين كونه طاعة أو معصية ، لكن انما يكون مسوغا للتيمم بعد الطلب له فلم يوجد ، فمتى تيمم قبله مع حصول شرائط وجوبه من الرجاء وسعة الوقت وعدم الخوف ونحو ذلك لم يصح ، لعدم تحقق عدم الوجدان بدونه ، وهو
__________________
(١) سورة النساء ـ الآية ٤٦.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب التيمم.