وهو استحباب غسل الجمعة أو الغسل في يومها ، مع أن الظاهر خلافه لما عرفته من الإجماعات من القدماء والمتأخرين على عدم استمرار ذلك طول النهار.
فتحصل حينئذ من جميع ما ذكرنا أن الاحتمالات في المقام أو الأقوال أربعة ، المشهور هو التحديد بالزوال. أو بما قبل الزوال ، أو بالصلاة ، أو بالغروب ، والأقوى الأول لما عرفت ، مع أنه إن لم نقل به تعين القول بأحد الثلاثة الأخر ، والكل باطل ، أما الأول فيرده بعد الإجماعات السابقة الاستصحاب ، مع أنه لا شاهد له ، وقول الباقر عليهالسلام في خبر زرارة الآتي (١) : « وليكن فراغك قبل الزوال » انما هو حتى تعلم وقوع تمام الغسل في وقته وعدم تجاوزه عن حده ، فان كان القائل بذلك يريد هذا المعنى فمرحبا بالوفاق وكان النزاع لفظيا ، والا فلا شاهد له فيه.
واحتمال أن يقال : ان مآل المشهور الى ما قبل الزوال أيضا لعدم تحقق المقارنة غالبا ، مع ظهور الرواية بعدم الاجتزاء بها لو تحققت ، لكن لشدة قرب بعض أفراد القبيلة إلى الزوال تسامح الأصحاب في التعبير عنه بالزوال تارة ، وما قبله أخرى ، كمقعد إجماع المعتبر وغيره ، بل لعل ذلك منهم يكون قرينة على خروج ما بعد « الى » عن الوقت الذي يجتزى به في عبارتهم الأولى ليس بأولى من العكس بأن يراد بما قبل الزوال الزوال ، بل هو أولى من وجوه ، وعلى كل حال فيتحد القولان حينئذ ، ويرتفع الخلاف من هذه الجهة.
وأما الثاني أي التحديد بالصلاة فيرده ـ مضافا الى الإجماعات السابقة وخبري سماعة (٢) وابن بكير (٣) الآتيين ـ أن الغسل مستحب حتى لمن لم يخاطب بصلاة الجمعة من العبيد والنساء وغيرهم بلا خلاف فيه ، فلا تصلح لأن تكون غاية له لعدم
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب صلاة الجمعة ـ الحديث ٣ من كتاب الصلاة.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الأغسال المسنونة ـ الحديث ٣.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب الأغسال المسنونة ـ الحديث ٤.