للبطلان لكون النهي عن أمر خارج ـ في غير محله قطعا كما لا يخفى على من لاحظ ما استفاده الأصحاب من الشرائط والأجزاء والموانع من أمثال هذه الأوامر والنواهي في سائر المقامات ».
وفيه أولا أنه لا يخفى على من أحاط خبرا بما ذكرنا وجود المقاومة وزيادة ، وثانيا منع اعتبارها بمعنى ملاحظة المرجحات الموجودة في النصوص (١) في مثل هذا الجمع الذي ينتقل اليه من مجرد تأليف الكلامين كالعام والخاص والمطلق والمقيد ونحوهما بل يكفي فيه جمع شرائط الحجية ، وإلا لزم طرح الدليل المعتبر من غير مقتض ، بل هو في الحقيقة مناف لكل ما دل على الحجية ، ومن هنا حكمنا الخاص ولو بالآحاد على عام الكتاب ونحوه من المتواتر سندا ، وأن التحقيق أنه ليس من المخالفة للكتاب التي أمرنا (٢) بطرح الخبر معها كما هو واضح من طريقة الأصحاب في سائر الأبواب ، ومن العجيب قوله في المقام بطرح نصوص الجواز مع عمل مشهور المتأخرين بها بمجرد احتمال أنها للتقية التي لم تكن لتخفى على خواص الأصحاب والبطانة ، بل كانوا يعرفون ذلك بمجرد سماعهم من بعض الرواة ، ويقولون قد أعطاه من جراب النورة ، كما أن الظاهر تصفية هذه الأصول من مثل هذه الأخبار وغيرها ، وأنهم بذلوا الجهد مع قرب عهدهم وشدة معرفتهم في تعرف ذلك وطرح ما كان من هذا القبيل ، نعم ربما أبقوا فيها ما هو واضح انه انما ورد مورد التقية ، وأن فيها نفسها ما يدل على ذلك ، ولذا كان الحمل على التقية في مثل هذه النصوص المجردة عما يشعر بورودها موردها لا يرتكب إلا عند الضرورة ، ويذكر احتمالا بعد أن يرجح الخبر المقابل له بالتباين بحيث يدور الأمر بين طرحه أصلا وبين ذكر وجه له كالتقية ونحوها ، على أن احتمال مراعاة التقية
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب صفات القاضي من كتاب القضاء.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب صفات القاضي ـ الحديث ١ و ١١ و ١٥ و ١٦