وخالف فقهاء السنّة في ذلك حيث أجازوا السجود على القطن والكتان والشعر والصوف وغير ذلك ـ إلى أن قال ـ : لا يجوز السجود على شيء هو حامل له ككور العمامة ، وطرف الرداء ، وكمّ القميص ، وبه قال الشافعي ، وروي ذلك عن علي عليهالسلام وابن عمر ، وعبادة بن الصامت ، ومالك ، وأحمد بن حنبل.
وقال أبو حنيفة وأصحابه : إذا سجد على ما هو حامل له كالثياب التي عليه ، أجزأه.
وإن سجد على ما لا ينفصل منه مثل أن يفترش يده ويسجد عليها أجزأه لكنّه مكروه ، وروي ذلك عن الحسن البصري (١).
وقال العلاّمة الحلّي (٢) ـ وهو يبيّن آراء الفقهاء فيما يسجد عليه ـ : لا يجوز السجود على ما ليس بأرض ولا من نباتها كالجلود والصوف عند علمائنا أجمع ، وأطبق جمهور السنّة على الجواز. (٣)
وقد اقتفت الشيعة في ذلك أثر أئمتهم الذين هم أعدال الكتاب وقرناؤه في حديث الثقلين ، ونحن نكتفي هنا بإيراد شيء ممّا روي عنهم في هذا الجانب :
روى الصدوق بإسناده عن هشام بن الحكم أنّه قال لأبي عبد الله عليهالسلام : أخبرني عمّا يجوز السجود عليه ، وعمّا لا يجوز؟ قال : « السجود لا يجوز إلاّ على الأرض ، أو على ما أنبتت الأرض إلاّ ما أكل أو لبس ». فقال له : جعلت فداك ما العلّة في ذلك؟
قال : « لأنّ السجود خضوع لله عزّ وجلّ فلا ينبغي أن يكون على ما يؤكل
__________________
١. الخلاف : ١ / ٣٥٧ ـ ٣٥٨ ، المسألة ١١٢ ـ ١١٣ ، كتاب الصلاة.
٢. الحسن بن يوسف بن المطهر الحلّي ( ٦٤٨ ـ ٧٢٦ ه ) وهو زعيم الشيعة في أواخر القرن السابع والثامن ، لا يسمح الدهر بمثله إلاّ في فترات خاصة.
٣. التذكرة : ٢ / ٤٣٤ ، المسألة ١٠٠.