الخصوصية لواحدة من الصورتين وإلاّ كان عليهم السؤال ثانيا من أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم جمع على نحو جمع التقديم أو جمع التأخير.
ويؤيد ذلك وحدة التعليل في كلام ابن عباس في الموردين.
أخرج مسلم عن ابن عباس انّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جمع بين الصلاة في سفرة سافرها في غزوة تبوك فجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، قال سعيد : فقلت لابن عباس : ما حمله على ذلك؟ قال : أراد أن لا يحرج أمّته. (١)
ويؤيد الإطلاق وعدم الفرق بين الصورتين هو عموم العلة وهو عدم الإحراج على الأمّة ورفع الحرج منه ، فالإحراج في الالتزام بالتفريق بين الصلاتين ورفعه يحصل بكلّ واحدة من الصورتين ، سواء أكانت جمع تقديم أم جمع تفريق.
أضف إلى ذلك انّ ابن عباس عمل بالحديث بصورة جمع التأخير ، فقد مرّ انّ ابن عباس خطب يوما بعد العصر حتّى غربت الشمس وبدت النجوم وجعل الناس يقولون : الصلاة الصلاة ، فجاء رجل من بني تميم لا يفتر ولا ينثني ويقول : الصلاة الصلاة ، فقال ابن عباس : أتعلّمني بالسنّة لا أمّ لك إلى آخر ما مرّ من الحديث.
ولعمر القاري انّ المخالف لمّا وقف أمام هذه الروايات الهائلة الدالة على تجويز الجمع مقابل التفريق ورأى أنّ فقه الجمهور على الخلاف ، عمد إلى التشكيك بها ، ولذلك أتى بهذه الشبهة وهي أشبه بسؤال بني إسرائيل موسى بن عمران عن سن البقرة ولونها. (٢)
__________________
١. شرح صحيح مسلم للنووي : ٥ / ٢٢٤ ، باب الجمع بين الصلاتين ، ح ٥١.
٢. سورة البقرة : ٦٧ ـ ٧١.