ثمّ لو كان الجمع هكذا ، لجاز الجمع بين العصر والمغرب ، والعشاء والصبح ولا خلاف بين الأمّة في تحريم ذلك والعمل بالخبر على الوجه السابق إلى الفهم منه أولى من هذا التكلّف. (١)
كما أنّ المقدسي في الشرح الكبير (٢) ردّ على هذا التأويل بنفس ما ذكره ابن قدامة ، واللفظ في كلا الكتابين واحد ولذلك اقتصرنا بلفظ ابن قدامة.
نعم انّهما ردّا بما نقلناه عنهما على من فسّر جواز الجمع بين الصلاتين للمسافر بالجمع الصوري ، ولمّا كان ملاك الجمع في كلا المقامين ( المسافر والحاضر ) واحدا ، وهو رفع الحرج والمشقة عن الأمّة ، وكان الجمع الصوري محرجا على نحو أشد ، أثبتنا كلامهما في المقام أيضا.
ولأجل ما ذكرنا حمل الخطّابي الجمع في الرواية على الجمع الحقيقي دون الصوري ، فقال :
ظاهر اسم « الجمع » عرفا لا يقع على من أخّر الظهر حتّى صلاّها في آخر وقتها وعجّل العصر فصلاّها في أوّل وقتها ، لأنّ هذا قد صلّى كلّ صلاة منهما في وقتها الخاصّ بها.
قال : وإنّما الجمع المعروف بينهما أن تكون الصلاتان معا في وقت إحداهما ، ألا ترى أنّ الجمع بعرفة بينهما ومزدلفة كذلك. (٣)
__________________
١. المغني : ٢ / ١١٣ ـ ١١٤ ، ذكره في نقد كلام من حمل الجمع بين الصلاتين في السفر ، ولما كان المناط واحدا نقلناه في المقام.
٢. الشرح الكبير في ذيل المغني : ٢ / ١١٥.
٣. معالم السنن : ٢ / ٥٢ ، ح ١١٦٣ ؛ عون المعبود : ١ / ٤٦٨.