محيص من تفسير الجمع بالجمع الحقيقي ، وهذا دليل على أنّ رواية الحصر في المزدلفة متروكة لا يحتجّ بها.
الثاني : ما أخرجه ابن جرير عن ابن عمر قال : خرج علينا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فكان يؤخّر الظهر ويعجّل العصر فيجمع بينهما ، ويؤخر المغرب ويعجّل العشاء فيجمع بينهما ، وهذا هو الجمع الصوري. (١)
يلاحظ عليه : أنّ الحديث وإن كان مشعرا بالجمع الصوري ولكنّه لا يؤخذ به ، وذلك لإجمال المراد منه ، فإن أراد أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فعل ذلك في السفر ، فقد تقدّم أنّ جمع الرسول بين الصلاتين في السفر ، كان جمعا حقيقيا.
روى مسلم عن أنس بن مالك أنّه قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخّر الظهر إلى وقت العصر ، ثمّ نزل فجمع بينهما. (٢)
وفي رواية أخرى عنه : أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا عجّل عليه السفر يؤخر الظهر إلى أوّل وقت العصر فيجمع بينهما ، ويؤخّر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء حتّى يغيب الشفق. (٣)
وإن أراد أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جمع بين الصلاتين بالجمع الصوري في الحضر ، فقد عرفت تضافر الروايات على الجمع الحقيقي ، حيث إنّ حديث ابن عباس وغيره صريح فيه وقرينة على حمل سائر الروايات على الحقيقي فلا يمكن أن يطرح حديث حبر الأمّة وعمله بحديث مجمل لابن عمر.
الثالث : ما أخرجه النسائي عن ابن عباس : صلّيت مع النبي الظهر والعصر جميعا والمغرب والعشاء جميعا ، « أخّر الظهر وعجّل العصر وأخّر المغرب وعجّل
__________________
١. نيل الأوطار : ٣ / ٢١٧.
٢ و ٣. شرح صحيح مسلم ، ج ٥ ، باب جواز الجمع بين الصلاتين في السفر ، برقم ٤٦ و ٤٨.