ثمّ استحسن هذا الجمع وقال : وهو جواب عظيم سديد شاف. (١)
يلاحظ عليه : أنّ هذا الجمع كالجمع الذي ضعّفه في الضعف والوهن سواء ، وذلك لأنّه يخالف رواية ابن عباس وعمله ، فإنّه جمع بين الصلاتين في البصرة من دون أن يكون هناك مرض غالب أو برد شديد أو وحل.
أضف إلى ذلك إطلاق التعليل ، أعني : رفع الحرج عن الأمّة ، فإنّ الحرج لا يختصّ بصور الأعذار ، بل يعمّ إلزام الناس بالتفريق بين الصلوات على وجه الإيجاب عبر الحياة.
إنّ لابن الصدّيق في تأليفه المنيف المسمّى بـ « إزالة الحظر عمّن جمع بين الصلاتين في الحضر » هنا كلاما لا بأس بإيراده هنا :
قال : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم صرّح بأنّه فعل ذلك ليرفع الحرج عن أمّته وبيّن لهم جواز الجمع إذا احتاجوا إليه. فحمله على المطر بعد هذا التصريح من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والصحابة الذين رووه ، تعسف ظاهر ، بل تكذيب للرواة ومعارضة لله والرسول ، لأنّه لو فعل ذلك للمطر لما صرّح النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بخلافه ، ولما عدل الرواة عن التعليل به ، إلى التعليل بنفي الحرج ، كما رووا عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه كان يأمر المنادي أن ينادي في الليلة المطيرة : « ألا صلّوا في الرحال » ولم يذكروا ذلك في الجمع فكيف وقد صرّحوا بنفي المطر؟!
وأضاف أيضا وقال : إنّ ابن عباس الراوي لهذا الحديث أخّر الصلاة وجمع لأجل انشغاله بالخطبة ، ثمّ احتجّ بجمع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا يجوز أن يحتجّ بجمع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم للمطر ـ وهو عذر بيّن ظاهر ـ على الجمع لمجرّد الخطبة أو الدرس الذي في
__________________
١. فتح الباري بشرح صحيح البخاري : ٢ / ٢٤ ، بتعاليق عبد العزيز بن باز.