رأيت عمر صلّى بذي الحليفة ركعتين ، فقلت له فقال : إنّما أفعل كما رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يفعل.
والحديث دالّ على أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقصر في السفر دائما ، وانّما الاختلاف في أنّ مبدأ القصر هو الخروج عن البلد كما جرى عليه عمر أو بعد الخروج مسيرة ثمانية عشر ميلا.
قال النووي : أمّا قوله : « قصر شرحبيل على رأس ١٧ ميلا أو ١٨ ميلا » فلا حجة فيه ، لأنّه تابعي فعل شيئا يخالف الجمهور ، أو يتأوّل على أنّها كانت في أثناء سفره لا انّها غايته ، وهذا التأويل ظاهر. (١)
وعلى كلّ تقدير فما هو موضع الخلاف خارج عن إطار بحثنا.
٩. أخرج مسلم عن أنس بن مالك قال : خرجنا مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من المدينة إلى مكة فصلّى ركعتين ركعتين حتّى رجع ، قلت : كم أقام بمكة؟ قال : عشرا.
ثمّ إنّ قصر النبي في مكة مع إقامته فيها عشرة أيّام وإن كان يوافق بعض المذاهب لكنّه يخالف مذهب الإمام مالك ، كما يخالف مذهب الإمامية ، فإنّ نية العشرة قاطعة للسفر موجبة للإتمام ، ولعلّ الإقامة لم تكن عشرة كاملة بالضبط بل كانت عشرة عرفية وربما تنقص عن العشرة التامة.
هذه الأحاديث التسعة نقلها مسلم في صحيحه ، وإليك بعض ما نقله غيره.
١٠. أخرج أبو داود عن عمران بن الحصين ، قال : غزوت مع رسول الله
__________________
١. شرح صحيح مسلم للنووي : ٥ / ٢٠٨.