من خلافته كانوا يقصرون في منى دون استثناء ، فلمّا أتمّ عثمان بعد ثمانية سنين قامت ضجة عليه ، ولما سمع عبد الله بن مسعود انّ الخليفة أتمّ الصلاة في منى استرجع ، أي قال ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ) ، ولا تقال تلك الكلمة إلاّ إذا ألمّت مصيبة ، وهذا يدلّ على أنّ عبد الله بن مسعود تلقّى فعل عثمان مصيبة في الدين ورزءا عظيما.
والناظر في هذه الروايات التي سننقلها تباعا يذعن بأنّ متلقّى الصحابة هو كون القصر عزيمة والتمام غير مشروع ، وإلاّ فلو كان القصر رخصة أو سنّة لما أثارت حفيظة الصحابة والتابعين ضدّ عثمان.
٢٧. أخرج مسلم في صحيحه عن سالم بن عبد الله ، عن أبيه ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم انّه صلّى صلاة المسافر بمنى (١) وغيره ركعتين وأبو بكر وعمر وعثمان ركعتين صدرا من خلافته ثمّ أتمّها أربعا. (٢)
٢٨. أخرج مسلم عن ابن عمر قال : صلّى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بمنى ركعتين ، وأبو بكر بعده ، وعمر بعد أبي بكر ، وعثمان صدرا من خلافته. انّ عثمان صلّى بعد أربعا ، فكان ابن عمر إذا صلّى مع الإمام صلّى أربعا وإذا صلاّها وحده صلّى ركعتين. (٣) وسيأتي انّه كان يعيدها في بيته.
٢٩. أخرج مسلم عن حفص بن عاصم ، عن ابن عمر ، قال : صلّى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بمنى صلاة المسافر وأبو بكر وعمر وعثمان ثمانية سنين أو قال : ست سنين ، قال حفص : وكان ابن عمر يصلّي بمنى ركعتين ثمّ يأتي فراشه ، فقلت : أي عمّ لو
__________________
١. انّ منى تذكر وتؤنث بحسب القصد ، إن قصد الموضع فيذكّر ، وإن قصد البقعة فتؤنّث.
٢ و ٣. شرح صحيح مسلم للنووي : ٥ / ٢٠٩ ، باب قصر الصلاة بمنى من كتاب صلاة المسافرين وقصرها.