وقال السرخسي : إنّ أداء الصوم في السفر يجوز في قول جمهور الفقهاء ، وهذا قول أكثر الصحابة ، وعلى قول أصحاب الظواهر لا يجوز ـ إلى أن قال : ـ إنّ الصوم في السفر أفضل من الإفطار عندنا.
وقال الشافعي : الفطر أفضل ، لأنّ ظاهر ما روينا من آثار يدلّ على أنّ الصوم في السفر لا يجوز ، فإن ترك هذا الظاهر في حقّ الجواز (١) بقي معتبرا في أنّ الفطر أفضل ، وقاس بالصلاة فإنّ الاقتصار على الركعتين في السفر أفضل من الإتمام فكذلك الصوم لأنّ السفر يؤثر فيهما ، قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّ الله وضع عن المسافر شطر الصلاة والصوم ». (٢)
وقال ابن قدامة : حكم المسافر حكم المريض في إباحة الفطر وكراهية الصوم وإجزائه إذا فعله ، وإباحة الفطر ثابتة بالنص والإجماع ، وأكثر أهل العلم على أنّه إن صام أجزأه ـ إلى أن قال : ـ والفطر في السفر أفضل. (٣)
وقال القرطبي : واختلف العلماء في الأفضل من الفطر أو الصوم في السفر ، فقال مالك والشافعي في بعض ما روي عنهما : الصوم أفضل لمن قوي عليه. وجعل مذهب مالك التخيير وكذلك مذهب الشافعي ، قال الشافعي ومن تبعه : هو مخيّر ولم يفضّل وكذلك ابن عليّة. (٤)
وهذه النقول وغيرها صريحة في اتّفاق الجمهور على جواز الإفطار في السفر لا على وجوبه مع اعتراف الشافعي بأنّ ظواهر الأدلّة هو المنع عن الصوم حيث
__________________
١. كذا في النسخة ولعلّ الصحيح : في حدّ الجواز.
٢. المبسوط للسرخسي : ٣ / ٩١ ـ ٩٢.
٣. الشرح الكبير في ذيل المغني : ٣ / ١٧ ـ ١٩.
٤. الجامع لأحكام القرآن : ٢ / ٢٨٠.