٢. لو كان الخطاب لأهل الرخص كان اللازم أن يقول : وان يصوم المسافر خير من الإفطار ويبيّن الحكم باللفظ الغائب ، لا بالخطاب الحاضر.
بل الظاهر ـ كما مرّ ـ أنّه تأكيد على امتثال الفريضة وانّ الصوم خير ، فله أثره الجميل في النفس فان التنزّه عن الاسترسال في استيفاء اللذائذ الجسمانية ، وكبح جماح الشهوات يورث التقوى والتجافي عن الإخلاد إلى الأرض.
ولغاية الإيضاح نقول إنّ الآية الثانية ، تتشكل من أربع فقرأت بعد بيان انّ الواجب لا يتجاوز عن كونه أيّاما معدودات.
الأولى ( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ).
الثانية ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ ).
الثالثة ( فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ ).
الرابعة ( وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ).
وجاءت الفقرات الثلاث الأول بصيغة الغائب بخلاف الأخيرة فجاءت بصيغة الخطاب.
وهذا دليل على أنّه منقطع عن المقاطع الثلاثة وتأكيد للخطاب الأوّل بعد التفصيل أعني قوله سبحانه ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ ).
* * *
ثمّ إنّه سبحانه ذكر في الآية الثالثة جملا ثلاثا :
أ. ( يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ).
وهو بيان لحكمة رفع الصيام عن الأصناف الثلاثة ، أي أمروا بالإفطار لأجل اليسر ودفع العسر ، من غير فرق بين المريض والمسافر ومن يشق عليه