وعلى ضوء هذا الإيصاء من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والسنّة التي أوصى بها غير مرة ، تخرج إقامة صلاة التراويح في شهر رمضان في المساجد مطلقا ـ سواء أقيمت جماعة أو فرادى ـ على خلاف السنّة وعلى خلاف إيصائه صلىاللهعليهوآلهوسلم غير مرّة ، إذ بذلك تضحى بيوت المسلمين كالقبور حيث لا يصلّى فيها ولا يتعبّد.
ولا أدري لما ذا تركت هذه السنّة عبر القرون مع إصرار النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على إقامة النوافل في البيوت؟!
والعجب من ابن حزم انّه اعترف بأفضلية كلّ تطوع في البيوت ولكن استثنى ما صلّى جماعة في المسجد حيث قال : « مسألة » وصلاة التطوّع في الجماعة أفضل منها منفردا ، وكلّ تطوع فهو في البيوت أفضل منه في المساجد إلاّ ما صلّى منه جماعة في المسجد فهو أفضل. (١)
ولا يخفى على القارئ الكريم انّ ما استثناه ابن حزم اجتهاد في مقابل النصّ ، فان كلام الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم مطلق يعمّ حالتي الفرادى والجماعة ، وقد مرّ في رواية سعد بن إسحاق انّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم صلّى صلاة المغرب في مسجد بني عبد الأشهل فلما صلّى ، قام ناس يتنفّلون ، فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « عليكم بهذه الصلاة في البيوت ». فلو كان التنفّل مع الجماعة في المسجد أفضل من التنفّل في البيوت ، لأرشدهم النبي إلى ما هو الأفضل مع أنّه قال بضرس قاطع : « عليكم بهذه الصلاة في البيوت » أي اتركوا التنفّل في المسجد مطلقا فرادى وجماعة وعليكم بها في البيوت.
__________________
١. المحلّى : ٣ / ٣٨.