وقد اعتمد من جعله عشرين ركعة على فعل الخليفة عمر ، في حين اعتمد من جعله ستّا وثلاثين ركعة على فعل عمر بن عبد العزيز.
قال عبد الرحمن الجزيري في « الفقه على المذاهب الأربعة » : إنّ عددها ليس مقصورا على الثماني ركعات التي صلاها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بهم ، بدليل أنّها يكملونها في بيوتهم ، وقد بيّن فعل عمر ، أنّ عددها عشرون ، حيث إنّه جمع الناس أخيرا على هذا العدد في المسجد ، ووافقه الصحابة على ذلك. نعم زيد فيها في عهد عمر بن عبد العزيز ، فجعلت ستا وثلاثين ركعة ، وكان القصد من هذه الزيادة مساواة أهل مكة في الفضل ، لأنّهم كانوا يطوفون بالبيت بعد كلّ أربع ركعات مرة ، فرأى عمر بن عبد العزيز أن يصلّى بدل كلّ طواف أربع ركعات. (١)
وربما يظن القاري أنّ الاختلاف ينحصر بهذين القولين ، ولكن الاختلاف في عدد ركعاتها أوسع من ذلك بكثير إلى حدّ قلّ نظيره في أبواب العبادات.
فمن قائل : إنّ عدد ركعاتها ١٣ ركعة ، إلى آخر : أنّها ٢٠ ركعة ، إلى ثالث :
أنّها ٢٤ ركعة ، إلى رابع : أنّها ٢٨ ركعة ، إلى خامس : أنّها ٣٦ ركعة ، إلى سادس : أنّها ٣٨ ركعة ، إلى سابع : أنّها ٣٩ ركعة ، إلى ثامن : أنّها ٤١ ركعة ، إلى تاسع : أنّها ٤٧ ركعة ، وهلمّ جرّا. (٢)
إنّ العبادة الجماعية كصلاة التراويح ، التي تقيمها الأمّة الإسلامية في رمضان كلّ سنة ، تطلب لنفسها أن تكون مبيّنة الحدود في لسان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
١. الفقه على المذاهب الأربعة : ١ / ٢٥١ ، كتاب الصلاة ، مبحث صلاة التراويح.
٢. فتح الباري : ٤ / ٢٠٤ ، إرشاد الساري : ٣ / ٤٢٦ ، عمدة القاري : ١١ / ١٢٦. وقد تكلّفوا في الجمع بين هذه الأقوال المتشتّتة.