٣. وروى أيضا بالإسناد السابق انّ عمر قال : فافصلوا حجّكم من عمرتكم فإنّه أتمّ لحجّكم وأتمّ لعمرتكم. (١)
ويدلّ الحديث على أنّ فصل الحج عن العمرة ظهر في عصر عمر ، وقد عرفت أنّ استدلاله بقوله سبحانه ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) لا يمتّ إلى هذا الباب بصلة ، وقوله في ذيل الحديث الثاني ( فافصلوا حجكم من عمرتكم ) صريح في فصل الحجّ من العمرة والإتيان بها في غير أشهر الحجّ ، وقد مرّ انّ العرب في العصر الجاهلي ترى الجمع بينهما من أفجر الفجور فكأنّ الرجل تأثر مما رسب في ذهنه فحرّم متعة الحج.
٤. أخرج مسلم عن أبي موسى انّه كان يفتي بالمتعة ، فقال له رجل : رويدك ببعض فتياك فإنّك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النّسك بعد حتى لقيه بعد فسأله ، فقال عمر : قد علمت أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد فعله وأصحابه ولكن كرهت أن يظلّوا معرسين بهنّ في الأراك (٢) ، ثمّ يروحون في الحجّ تقطر رءوسهم. (٣)
الحديث يكشف عن أنّه اجتهد أمام النص ، لأنّه يكره أن يذهب الحاج إلى عرفة ورأسه يقطر ماء. وصار ذلك سببا للمنع عن السنّة القطعية. (٤)
وقد استنكر الخليفة متعة الحجّ إلى حدّ كان الأعاظم من الصحابة على خوف من أن يتفوّهوا بجوازه وكانوا يوصون أن لا ينقل عنهم ما داموا على قيد الحياة ، وهذا هو عمران بن حصين يوصي بعدم إفشاء كلامه ما دام حيّا.
__________________
١. صحيح مسلم : ٤ / ٤٨ ، باب في متعة الحجّ والعمرة.
٢. الأراك موضع بعرفة قرب نمرة.
٣. صحيح مسلم : ٤ / ٤٥.
٤. سيوافيك البحث عن سبب استنكاره ص ٤٥٢.