قال : فقدم عمر فذكرت ذلك له ، فقال : إن نأخذ بكتاب الله فان كتاب الله يأمر بالتمام ، وإن نأخذ بسنّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يحلّ حتّى بلغ الهدي محله. (١)
والعجب من أبي موسى مع أنّه كان يفتي الناس بما جرت عليه سيرة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولكنّه في خلافة عمر عدل عن هدي الرسول وأمر الناس بالتأنّي مع أنّه سمع من السائل بأنّه حدث جديد في النسك.
نعم استدلّ عمر على إخراج العمرة عن الحجّ بأمرين :
الأوّل : ما في كتاب الله حيث أمر سبحانه ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ).
الثاني : سيرة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث لم يحل حتّى بلغ الهدي محله.
وكلا الاستدلالين من الوهن بمكان.
أمّا الاستدلال بالكتاب فقد عرفت أنّ معنى إتمام الحجّ والعمرة إكمالهما في مقابل المحصر الذي لا يستطيع الإكمال ، وأين هو من إخراج العمرة عن الحجّ بإنشاء السفر المستقل لكلّ منهما؟!
وأمّا سيرة النبي فقد كشف قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم النقاب عن عدم إحلاله ، لأنّه ساق الهدي وكلّ من ساق الهدي لا يحلّ إلاّ أن يبلغ الهدي محله.
٢. أخرج مسلم عن أبي نضرة ، قال : كان ابن عباس يأمر بالمتعة وكان ابن الزبير ينهى عنها ، قال : فذكرت ذلك لجابر بن عبد الله ، فقال : على يدي دار الحديث ، تمتعنا مع رسول الله ، فلمّا قام عمر قال : إنّ الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء ، وانّ القرآن قد نزل منازله فأتمّوا الحجّ والعمرة لله كما أمركم الله وابتّوا نكاح هذه النساء. (٢)
__________________
١. صحيح مسلم : ٤ / ٤٤ ، باب في نسخ التحلّل من الإحرام.
٢. صحيح مسلم : ٤ / ٤٨ ، باب في المتعة الحجّ والعمرة.