حصين فإن عشت فاكتم عنّي وإن مت فحدث بها إن شئت ، أو قوله : « قال رجل فيها برأيه ما شاء » يعرب عن وجود ضغط وكبت من جانب الخليفة في المسألة.
ثمّ إنّ السبب لنهي الخليفة عن متعة الحجّ أحد أمرين :
الأوّل : كراهته أن يكون الحجّاج معرسين بهن في الأراك ثمّ يروحون إلى الحج ورءوسهم تقطر ماء.
قال أبو حنيفة عن حمّاد ، عن إبراهيم النخعي ، عن الأسواد بن يزيد قال : بينما أنا واقف مع عمر بن الخطاب بعرفة عشية عرفة ، فإذا هو برجل مرجّل شعره ، يفوح منه ريح الطيب ، فقال له عمر : أمحرم أنت؟ قال : نعم ، فقال عمر : ما هيأتك بهيئة محرم ، إنّما المحرم ، الأشعث ، الأغبر ، الأذفر ، قال : إنّي قدمت متمتّعا وكان معي أهلي وإنّما أحرمت اليوم ، فقال عمر عند ذلك : لا تتمتعوا في هذه الأيام ، فإنّي لو رخصت في المتعة لعرسوا بهنّ في الأراك ثمّ راحوا بهنّ حجاجا. (١)
روى سعيد بن المسيب : انّ عمر بن الخطاب نهى أنّ المتعة في أشهر الحجّ ، وقال : فعلتها مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنا أنهى عنها ، وذلك أنّ أحدكم يأتي من أفق من الآفاق شعثا نصبا معتمرا في أشهر الحج وإنّما شعثه ونصبه وتلبيته في عمرته ثمّ يقدم فيطوف بالبيت ويحلّ ويلبس ويتطيّب ويقع على أهله إن كانوا معه حتّى إذا كان يوم التروية أهلّ بالحج وخرج إلى منى يلبّي بحجة لا شعث فيها ولا نصب ولا تلبية إلاّ يوما ، والحجّ أفضل من العمرة ، لو خلّينا بينهم وبين هذا لعانقوهنّ تحت الأراك مع أنّ أهل البيت ليس لهم ضرع ولا زرع ، وإنّما ربيعهم فيمن يطرأ عليهم. (٢)
__________________
١. زاد المعاد : ١ / ٢١٤ ، ط مصر ، المطبعة المصرية.
٢. كنز العمال : ٥ / ١٦٤ رقم ١٢٤٧٧.