الثاني : خوف تسرب الفقر إلى سكان البيت حيث ليس لهم ضرع ولا زرع فمنع عن الجمع بين العمرة والحجّ حتّى يتقاطر الحاج في عامة الشهور إلى البلد الأمين ، ولأجل هذه الغاية منع عن الجمع حتّى يكون الحجّ في عام والعمرة في عام آخر بإنشاء سفر مستقل لكلّ واحد.
روى أبو نعيم في « حلية الأولياء » : انّ عمر بن الخطاب نهى عن المتعة في أشهر الحجّ ، وقال : فعلتها مع رسول الله وأنا أنهى عنها وذلك : انّ أحدكم يأتي من أفق من الآفاق شعثا نصبا معتمرا أشهر الحجّ وإنّما شعثه ونصبه وتلبيته في عمرته ثمّ يقدم فيطوف بالبيت ويحل ويلبس ويتطيّب ويقع على أهله إن كانوا معه حتّى إذا كان يوم التروية أهلّ بالحج وخرج إلى منى يلبي بحجّة لا شعث فيها ولا نصب ولا تلبية إلاّ يوما ، والحجّ أفضل من العمرة ، لو خلّينا بينهم وبين هذا لعانقوهن تحت الأراك وإنّ أهل هذا البيت ( أي أهل مكة ) ليس لهم ضرع ولا زرع وإنّما ربيعهم في من يطرأ عليهم. (١) وقد مرّ ما يؤيّده من رواية سعيد بن المسيب.
هذا وانّه سبحانه نقل دعاء الخليل حيث سأله سبحانه أن يرزق سكنة مكة من الثمرات وقال ( رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ). (٢)
وقد استجاب سبحانه لدعاء أبيهم إبراهيم ، يقول سبحانه : ( وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ
__________________
١. حلية الأولياء : ٥ / ٢٠٥.
٢. إبراهيم : ٣٧.