إنّ كثيرا من الباحثين من أهل السنّة يأوّلون ما ورد من النصوص حول خلافة الإمام أمير المؤمنين في أوائل البعثة وأواسطها وأواخرها ويفسرونها بالدعوة إلى نصرة علي ومحبّته ، يقول الشيخ سليم البشري شيخ الأزهر في وقته في رسالته إلى السيد عبد الحسين شرف الدين العاملي :
إنّ أولي البصائر النافذة والرؤية الثاقبة ينزّهون الصحابة عن مخالفة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في شيء من ظواهر أوامره ونواهيه ولا يجوّزون عليهم غير التعبّد بذلك ، فلا يمكن أن يسمعوا النص على الإمام ثمّ يعدلوا عنه أوّلا وثانيا وثالثا ، وكيف يمكن حملهم على الصحّة في عدولهم عنه مع سماعهم النصّ عليه؟ ما أراك بقادر على أن تجمع بينهما. (١)
وما ذكره شيخ الأزهر نابع من حسن ظنه بالصحابة كافة ، ولكن لو سبر أخبارهم لوقف على أنّهم خالفوا النصوص في موارد كثيرة ، ومنها متعة الحجّ على الرغم من أنّها لم تشكّل تهديدا لمصالحهم بل كانت مجرد استهجان للتحلّل بين العمرة والحجّ.
وأمّا النصوص التي تتعرض لمصالحهم الشخصية ، فقد كانوا يخالفونها في حياته فكيف بعد رحيله؟! والموارد التي لم يتعبّد السلف من الصحابة بالنصوص فيها أكثر من أن تذكر في ذلك المجال ، وكفانا في ذلك ما قام به السيد شرف الدين العاملي في كتابه القيّم « النص والاجتهاد » فقد جمع شطرا وافرا من اجتهادات الصحابة مقابل النص ، وقد أنهاها إلى ٦٦ موردا ، نقتصر منها على هذا النموذج :
__________________
١. المراجعات : ص ٢٣٤ ، المراجعة ٨٣.