قال أبو عمر ( صاحب الاستيعاب ) : أصحاب ابن عباس من أهل مكة واليمن كلّهم يرون المتعة حلالا على مذهب ابن عباس وحرمها سائر الناس. (١)
وقال القرطبي في تفسيره : أهل مكة كانوا يستعملونها كثيرا. (٢)
وقال الرازي في تفسيره : ذهب السواد الأعظم من الأمّة إلى أنّها صارت منسوخة ، وقال السواد منهم إنّها بقيت كما كانت. (٣)
وهذه الكلمات المنثورة في الكتب والتي تجد لها نظائر كثيرة تثبت انّ المتعة كانت أمرا حلالا في عهد رسول الله ودامت إلى شطر من خلافة عمر ، فمن حاول إثبات النسخ فعليه أن يأتي بدليل قاطع يصلح لنسخ القرآن الكريم ، فان خبر الواحد لا ينسخ به القرآن ، والقرآن دليل قطعي لا ينسخ إلاّ بدليل قطعي.
والذي يعرب عن عدم وجود الناسخ هو انّ التحريم يسند إلى عمر وانّه هو المحرم كما سيوافيك لفظه ، فلو كان هناك تحريم من رسول الله لما أسند عمر التحريم إلى نفسه!!
قال الرازي : إنّ الأمّة مجمعة على أنّ نكاح المتعة كان جائزا في الإسلام ولا خلاف بين أحد من الأمّة فيه إنّما الخلاف في طريان الناسخ ، فنقول : لو كان الناسخ موجودا ، لكان ذلك الناسخ إمّا أن يكون معلوما بالتواتر أو بالآحاد ، فإن كان معلوما بالتواتر ، كان علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وعمران بن الحصين منكرين لما عرف ثبوته بالتواتر من دين محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وذلك يوجب تكفيرهم ، وهو باطل قطعا ، وإن كان ثابتا بالآحاد فهذا أيضا باطل ، لأنّه لما كان ثبوت
__________________
١. تفسير القرطبي : ٥ / ١٣٣.
٢. تفسير القرطبي : ٥ / ١٣٢ ؛ فتح الباري : ٩ / ١٤٢.
٣. تفسير الرازي : ١٠ / ٥٣.