مضافا إلى أنّ عليا ـ باب علم النبيّ ـ هو المعروف بالقول بالمسح ، ويقول الرازي في الاقتداء بعليّ : « ومن اقتدى في دينه بعلي بن أبي طالب فقد اهتدى ، والدليل عليه قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : اللهمّ أدر الحق مع علي حيث دار » (١).
٦. إذا كان الاجتهاد بمعنى بذل الجهد في استنباط الأحكام عن أدلّتها الشرعيّة فلما ذا اختصّت هذه النعمة الكبرى بالأئمّة الأربعة دون سواهم ، وكيف صار السلف أولى بها من الخلف؟!
هذا ونظيره يقتضي لزوم فتح باب الاجتهاد في أعصارنا هذه والإمعان في عطاء الكتاب والسنّة في حكم هذه المسألة ونظائرها ممّا ستمرّ عليك في هذا الكتاب متجردا عن قول الأئمّة الأربعة ونظرائهم.
أنّ الاجتهاد رمز خلود الدين وصلاحيته للظروف والبيئات وليس من البدع المحدثة ، بل كان مفتوحا منذ زمن النبيّ وبعد وفاته صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد أغلق لأمور سياسية عام ٦٦٥ ه.
قال المقريزي في بدء انحصار المذاهب في أربعة : فاستمرت ولاية القضاة الأربعة من سنة ٦٦٥ ه حتى لم يبق في مجموع أقطار الإسلام مذهب يعرف من مذاهب الإسلام غير هذه الأربعة وعودي من تمذهب بغيرها ، وأنكر عليه ولم يولّ قاضٍ ولا قبلت شهادة أحد ما لم يكن مقلّدا لأحد هذه المذاهب وأفتى فقهاؤهم في هذه الأمصار في طول هذه المدّة بوجوب اتّباع هذه المذاهب وتحريم عداها ، والعمل على هذا إلى اليوم. (٢)
__________________
١. مفاتيح الغيب : ١ / ١١١.
٢. راجع الخطط المقريزية : ٢ / ٣٣٣ ـ ٣٤٤.