وأعطيهم ما يطلبونه ، فإذا جاء وقت الغلة عادوا إلى مثل ما كانوا عليه من ظلمي وكسر مالي ، فقد اختلَّت حالي ، وافتقرت عيالي !
قال : فسمع ضحك عال من وراء السبيبة ، وخرج الخادم فقال : إستحلل هؤلاء القوم وخل سبيلهم ! فقالوا : يا أمير المؤمنين في حل وسعة ، فصرفهم ، فلما توسطوا صحن الدار قال بعض الحاضرين : هؤلاء قوم مجانٌّ محتالون ، وصاحب الخبر مسقط لا يكتب إلا بما يعلمه ويثق بصحته ، وينبغي أن يستقصي الفحص عن هذا والنظر فيه ، فأمر بردهم فلما أمروا بالرجوع قال بعض الجماعة التابعة لبعض : ليس هذا من ذلك الذي تقدم ، فينبغي أن نتولى الكلام نحن ونسلك طريق الجد والديانة ، فرجعوا فأمروا بالجلوس ، ثم أقبل عبيد الله على القوم فقال : إن الذي كتب في أمركم ليس ممن تقدم على الكتب بما لا يقبله علماً ويحيط به خبراً ، وقد أخذ أمير المؤمنين باستئناف امتحانكم وإنعام التفتيش عن أمركم .
فقالوا : إفعل ما أمرت به ، فقال : من خير الناس بعد رسول الله ؟ قلنا : علي بن أبي طالب ، فقال الخادم بين يديه : قد سمعت ما قالوا ، فأخبر أمير المؤمنين به ، فمضى ثم عاد فقال : يقول لكم أمير المؤمنين هذا مذهبي . فقلنا : الحمد لله الذي وفق أمير المؤمنين في دينه ، ووفقنا لاتباعه وموافقته على مذهبه .
ثم قال لهم : ما تقولون في أبي بكر رضي
الله عنه ؟ فقالوا رحمة الله على أبي بكر نقول فيه خيراً ، قال فما تقولون في عمر ؟ قلنا : رحمة الله عليه ولا نحبه . قال :
ولمَ ؟ قلنا : لأنه أخرج مولانا العباس من الشورى . قال فسمعنا من وراء السبيبة