فلما قدمت بغداد سمعت الهائعة فقلت : ما الخبر ؟ قالوا : سقط الطائر بقتل جعفر المتوكل ، فعجبت لذلك وقلت : إلهي ليلة بليلة » .
أقول : يدل استشهاد الشاعر بشعر ابن بسام على أنه كان منتشراً بين المسلمين . ويدل ما تقدم على أن المتوكل بدأ حملته على كربلاء سنة ٢٣٦ ، وهدمَ القبر الشريف ومنع زيارته لكن المسلمين من أهل الكوفة وغيرهم كسروا المنع ، ورأوا المعجزات ، فأصروا على زيارة قبر الحسين عليهالسلام وتحضروا للمواجهة في السنة الثانية ، ووجه اليهم المتوكل جيشاً كثيفاً ، لكن لما رأى إصرارهم على قتاله ، أمر قائده أن يرجع ويدعي أنه جاء في مهمة تتعلق بولاية الكوفة ! واستمر الأمر على هذا نحو عشر سنين ، وكان المنع من الزيارة سارياً ، لكنه غير محترم . وبلغ المتوكل في آخر عمره توافد الناس الى كربلاء : « وأنه قد كثر جمعهم وصار لهم سوق كبير ، فأنفذ قائداً في جمع كثير من الجند ، وأمر منادياً ينادي ببراءة الذمة ممن زار قبر الحسين » ! واستطاعت قواته أن تهدم القبر الشريف ، لكن الله تعالى هدم عمره وسقط طائر الحمام الزاجل في بغداد بقتله ، كما قالت الرواية .
ومعنى هذا أن محاولات المتوكل لهدم القبر الشريف استمرت إحدى عشرة سنة فقد بدأت سنة ٢٣٦ ، واستمرت حتى هلك في الرابع من شوال سنة ٢٤٧ .
٣. واجه الإمام الهادي عليهالسلام خطة المتوكل . وعند صدور المنع أمر الشيعة في بغداد أن يتجنبوا المواجهة ، ثم وجههم الى الزيارة وتحدي منع السلطة .
ففي
الكافي « ١ / ٥٢٥ » :
« خرج نهيٌ عن زيارة مقابر قريش « الكاظمين »
والحاير « كربلا »
فلما كان بعد أشهر دعا الوزير الباقطائي فقال له : إلق بني الفرات والبرسيين وقل لهم : لايزوروا مقابر قريش ، فقد أمر الخليفة أن يُتفقد كل من زار فيقبض