فأخذها ، ثم أعاد إلى أبي الوزير رسوله بعد شهر يسأله إعانته ، فبعث إليه بعشرة آلاف درهم . ثم صار جعفر من فوره حين خرج من عند عمر إلى أحمد بن أبي دؤاد ، فدخل عليه فقام له أحمد واستقبله على باب البيت وقبَّله والتزمه ، وقال : ما جاء بك جعلت فداك ؟ قال : قد جئت لتسترضي لي أمير المؤمنين . قال : أفعلُ ونِعْمَةُ عَيْنٍ وكرامة ، فكلم أحمد بن أبي دؤاد الواثق فيه فوعده ولم يرض عنه ، فلما كان يوم الحلبة كلم أحمد بن أبي دؤاد الواثق ، وقال معروفُ المعتصمِ عندي معروفٌ ، وجعفرُ ابنه ، فقد كلمتك فيه ووعدتَ الرضا ، فبحق المعتصم يا أمير المؤمنين إلا رضيتَ عنه ، فرضي عنه من ساعته وكساه . وانصرف الواثق وقد قلد أحمد بن أبي دؤاد جعفراً بكلامه حتى رضيَ عنه أخوه شكراً ، فأحظاه ذلك عنده حين مَلَك .
وذكر أن محمد بن عبد الملك كان كتب إلى الواثق حين خرج جعفر من عنده : يا أمير المؤمنين ، أتاني جعفر بن المعتصم يسألني أن أسأل أمير المؤمنين الرضا عنه ، في زي المخنثين له شَعْرُ قَفَا ! فكتب إليه الواثق : إبعث إليه فأحضره ومُرْ من يَجُزُّ شعر قفاه ، ثم مُرْ من يأخذ من شعره ويضرب به وجهه ، واصرفه إلى منزله !
فذُكِرَ عن المتوكل أنه قال : لما أتاني رسوله لبست سواداً لي جديداً وأتيته رجاءَ أن يكون قد أتاه الرضا عني ، فأتيته فقال : يا غلام أدع لي حَجَّاماً فدعا به ، فقال : خذ شعره واجمعه ، فأخذه على السواد الجديد ولم يأته بمنديل ، فأخذ شعره وشعر قفاه وضرب به وجهه !