وجلس المتوكل مع أمه في مجلس من المكان ، وعلى المجلس ستر رقيق ، فدخل أبوعبد الله على المعتز ، ونظر إليه المتوكل وأمه ، فلما رأته قالت : يا بني ، الله الله في هذا الرجل فليس هذا ممن يريد ما عندكم ، ولا المصلحة أن تحبسه عن منزله فَأْذَنْ له فليذهب . فدخل أبوعبد الله على المعتز فقال : السلام عليكم وجلس ، ولم يسلم عليه بالإمرة . قال : فسمعت أبا عبد الله بعد ذلك ببغداد يقول : لما دخلت عليه وجلست قال مؤدب الصبي : أصلح الله الأمير ، هذا الذي أمره أمير المؤمنين يؤدبك ويعلمك . فرد عليه الغلام وقال : إن علمني شيئاً تعلمته . قال أبوعبد الله : فعجبت من ذكائه وجوابه على صغره . وكان صغيراً .
فأذن له بالإنصراف ، فجاء عبيد الله بن يحيى وقت العصر فقال : إن أمير المؤمنين قد أذن لك ، وأمر أن تفرش لك حَرَّاقَة تنحدر فيها . فقال أبوعبد الله : أطلبوا لي زورقاً فأنحدر فيه الساعة ، فطلبوا له زورقاً فانحدر فيه من ساعته ..
وجاء عن لسان ولده الآخر صالح : فلما كان من الغد جاء يعقوب فقال : البشرى يا أبا عبد الله ، أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام ويقول : قد أعفيتك عن لبس السواد والركوب إلى ولاة العهود وإلى الدار . فإن شئت فالبس القطن ، وإن شئت فالبس الصوف . فجعل يحمد الله على ذلك » .
أقول : توجد عدة روايات عن إحضار أحمد الى سامراء . وقد حاول أحمد ومحبوه أن يقولوا إنه كان زاهداً في الدنيا ، ولم يكن راغباً في تكريم المتوكل ، ولا بالمناصب والأموال ، لأن المتوكل عند المسلمين ظالم لا يجوز الركون اليه !